حوت العنبر معلومات عن حوت العنبر

حوت العنبر معلومات عن حوت العنبر
حوت العنبر معلومات عن حوت العنبر
حوت العنبر هو أحد أشهر أنواع الحيتان في العالم، وأكبر الحيتان المسننة (ذوات الأسنان) دون منازع. وهو النوع الوحيد الباقي من جنس العنبر (باللاتينية: Physeter) وأحد الأنواع الثلاثة المُنتمية إلى فصيلة حيتان العنبر (الآخران هما حوت العنبر القزمي وحوت العنبر القزم). يُشتقُّ اسم هذه الحيتان من سائلٍ شمعيّ يُعرف باسم "العنبريَّة" يوجد في رؤوسها الضخمة، كان البشر يستخرجونه لصناعة العطور والصَّابون وبعض أنواع الزيوت والمساحيق. يُعرف حوت العنبر أيضًا باسم حوت العنبر الكبير أو حوت العنبر الضخم أو مُجرَّد العنبر.

يصل معدل طول الذكور البالغة إلى 16 مترا (52 قدما)، لكن يُمكنها أن تبلغ 20.5 أمتار (67 قدمًا)، ويمثلُ الرأس ثُلث طول الحيوان. تقتات حيتان العنبر على الحبَّارات العملاقة والحبَّارات الهائلة بشكلٍ رئيسيّ، وهي تغوص عميقًا حتى الأغوار السحيقة كي تحصل عليها، ويمكنها أن تغوص حتى عمق 3 كيلومترات (9,800 قدم) تحت سطح الماء، وبهذا فإنَّها أعمق الثدييات غوصًا. تتواصل حيتان العنبر بواسطة صدى الطقطقات التي تُصدرها، وصوتها مُرتفع يُمكن أن تصل حدَّته إلى 230 ديسيبل تحت سطح الماء، الأمر الذي يجعل من صوتها أعلى صوتٍ لأي حيوان على سطح الأرض. كذلك فهي تمتلك أكبر دماغٍ بين جميع المخلوقات، ويزيد وزنه عن وزن دماغ البشر بحوالي خمس مرَّات.

حوت العنبر حيوانٌ عالميّ الانتشار، أي أنَّه ينتشر في جميع مُحيطات وبِحار العالم في مجموعاتٍ صغيرة. تعيش الإناث وصغارها في مجاميع صغيرة بعيدًا عن الذكور البالغة، وهي تتعاون مع بعضها لرعاية وحماية وإرضاع الصغار. تضعُ الأنثى صغيرًا واحدًا كُل أربع إلى عشرين سنة، وتعتني بوليدها لفترةٍ تقرب من عشر سنوات. ويعيشُ حوت العنبر فترة طويلة قد تصل إلى 70 سنة، والبالغ السليم منها لا مُفترس طبيعي له، أمَّا الصغار والحيتان الطاعنة بالسن أو المريضة فيُمكن أن تقع ضحيَّة الحيتان السفَّاحة (القاتلة أو الأُركات).

كانت هذه الحيتان تُشكِّلُ هدفًا رئيسيًّا للصيَّادين منذ أوائل القرن الثامن عشر وحتى أواخر القرن العشرين، وذلك بسبب الطلب المُرتفع على السائل العنبريّ الموجود في رؤوسها والمطلوب من قِبل مصانع المساحيق والمراهم والشمع وزيت المصابيح. أضف إلى ذلك، ما زال العنبر الموجود في جهازها الهضمي يُستعمل كمُثبّت للعطور. كثيرًا ما كانت حيتان العنبر تنفذ بجلدها من بين رماح الصيَّادين وتوقع خسائر كبيرة في صفوفهم وفي سفنهم بفضل حجمها الكبير، وقد أدّى هذا إلى نشوء بعض الأساطير والروايات عنها، مثل رواية "موبي دك". تحظى حيتان العنبر حاليَّا بالحماية القانونيَّة الكاملة، وصدرت عدَّة اتفاقيَّات بين عدَّة دول أوقف بموجبها صيد هذه الحيتان في مياهها الإقليميَّة، بالإضافة لقوانين دوليَّة منعت صيدها في أعالي البحار. يُصنِّفُ الاتحاد العالمي للحفاظ على الطبيعة حيتان العنبر على أنَّها مُهددة بدرجة دُنيا.

وصف حوت العنبر

يتميز حوت العنبر برأسه الضخم، وقد يبلغ طول الذكر 20 مترًا. أنثى الحوت أصغر حجما حيث يبلغ حجمها تقريبا نصف حجم الذكر.و العنبر هو قيء الحوت الذي يخرج من جوفه. ويبلغ عمر حيتان العنبر حوالي 70 سنة.[9]

حجم حوت العنبر

متوسّط الحجم الطولالوزن
الذكور 16 متراً 41,000 كلغم (40 طناً)
الإناث 11 متراً 14,000 كلغم (14 طناً)
الصغار 4 أمتار 1,000 كلغم (0.98 طناً)

حوت العنبر هو أكبر أنواع الحيتان المسننة، إذ يصل طول الذكر البالغ منه إلى 20.5 متراً، ووزنه إلى 56 طناً. بالمقارنة، فإنَّ طول ثاني أكبر الحيتان المسننة في العالم - حوت بارد المنقاري - يبلغ 12.8 متراً فحسب، ووزنه 14 طناً. لدى متحف التحويت في نانتوكيت فكٌّ قديم لحوت عنبر بطول 5.5 أمتار، وهو يزعم بأنَّ طول الحوت الذي يعود إليه هذا الفك قد بلغ 24 متراً، ولدى المتحف الأمريكي للتاريخ الطبيعي أيضاً فك بحجمٍ مشابه، وكذلك يُزعَم أن طول الحوت الذي أغرق سفينة إسكس الأمريكية (والتي كان غرقها أحد أسباب إلهام الكاتب هرمان ملفيل لتأليف رواية موبي دك) بلغ 26 متراً. في صيف عام 1965، اصطاد أسطول تحويت سوفيتي حوت عنبرٍ بالقرب من جزر الكوريل، وزعم أن طوله بلغ 22 متراً. رغم ذلك، فإنَّ الكثيرين يشككون في حقيقة مزاعم وجود حيتان عنبرٍ بطول قريبٍ من 24 متراً أو أكثر منه.

من المحتمل أن يكون الصيد الجائر لحيتان العنبر قد تسبَّب بانخفاض أحجامها على مرِّ الزمن، خصوصاً بعد ارتفاع الطلب عليها في أعقاب الحرب العالمية الثانية، ففي الوقت الحالي، لا تتجاوز أطوال الذكور البالغة عادةً 18.3 متراً ولا تتعدى أوزانها 50 طناً. من جهةٍ أخرى، فإنَّ نظربات أخرى تقول أن الصيد الجائر لا يفترض أن يحدث تأثيراً على أحجام الحيتان  بل تذهب إلى أنَّ أحجامها قد تكون ازدادت الآن نتيجة انخفاض كثافتها السكانية وبالنتيجة انخفاض التنافسية على مصادر الغذاء فيما بينها.

يعد حوت العنبر بين أكثر الحيتان تمايزاً جنسياً في هيئتها، فرغم أن كلا الجنسين يولدان بنفس الحجم تقريباً، إلا إنَّ الفارق بينهما يزداد لاحقاً حتى تصبح الذكور عند البلوغ أكبر حجماً من الإناث بنسبة 30 إلى 50%، وأثقل وزناً بثلاث مرات.

هيئة حوت العنبر

يتميَّز حوت العنبر بهيئة جسدية فريدة، تجعل تمييزه سهلاً عن باقي أنواع الحيتان  وتنبع فرادة مظهر هذا الحوت من رأسه شديد الضخامة ومستطيل الشكل، والذي يبلغ طوله عادةً نحو ربع إلى ثلث طول جسد الحوت بأكمله. وتقع فتحة النفثعند الحوت على مقدمة الرأس باتجاه اليسار، وهي بشكل رقم 2، ولذا فإنَّ نفث الحوت يخرج على شكل رذاذ كثيف ينقذف إلى الأمام ذا مظهر مُمَيَّز.

ذيل حوت العنبر شديد السماكة ومثلَّث الشكل، وهو مرن جداً وأكبر حجماً نسبياً من ذيل أي حوتٍ آخر، ويرفعه الحوت عالياً خارج المياه عندما يبدأ بالغوص سعياً للغذاء. لدى حوت العنبر سلسلةٌ من الأضلاع عند الثلث الخلفي من ظهره تحلُّ محلَّ الزعنفة الظهرية، وكان يطلق صيَّادو الحيتان على أكبر هذه الأضلاع اسم الحدبة، ويخلط الكثيرون بين الحدبة - نتيجة حجمها وشكلها - والزعنفة الظهرية غير الموجودة عند الحوت.

بالمقارنة مع جلد معظ الحيتان الكبيرة الملس، عادة ما يكون جلد حوت العنبر أسود اللون مُجعَّداً، ممَّا يدفع البعض إلى تشبيهه بقشرة القراصيا (الخوخ)، كما يُشبِّهه آخرون بحالة المهق.

الهيكل العظمي لحوت العنبر

الهيكل العظمي لحوت العنبر
الهيكل العظمي لحوت العنبر
يصل بين أضلاع حوت العنبر وحبله الشوكيِّ غضروف مرن، ممَّا يسمح لقفصه الصدري بالانضغاط عوضاً عن التحطم عند التعرُّض للضغط العالي. مثل باقي الحيتان المُسَنَّنة الأخرى، لدى حوت العنبر جمجمة غير متناظرة الشكل تساعده على تحديد موقع فرائسه بالصدى، فبهذه الطريقة لا تُلتَقط الأمواج الصوتية المصطدمة بجسم الحوت من جوانب مختلفةٍ عبر قناة واحدة.

الفك والأسنان لحوت العنبر

اسنان حوت العمبر
اسنان حوت العمبر
فك حوت العنبر السفلي شديد النحولة، وعظمه منفصلٌ عن عظم الجمجمة حيث يرتبط معها بمفصل. لدى الحوت ما يتراوح من 18 إلى 26 سناً على كل جانب من فكه السفلي، وتدخل هذه الأسنان في تجاويف بمثل حجمها في الفك العلوي. شكل الأسنان مخروطي، ويصل وزن كل واحدٍ منها إلى نحو الكيلوغرام. ورغم أنها تساعد الحوت على أداء بعض وظائفه، إلا إنَّه لا يبدو أنها ذات أهمية في اصطياد أو أكل الحبار، حيث عُثِرَ من قبل على حيتان عنبرٍ في البرية بدون أسنانٍ أو بفكوكٍ مُشوَّهة لكنها كانت - رغم ذلك - بصحَّة جيدة. وتفيد إحدى النظريات بأنَّ وظيفة الأسنان هي - عوضاً عن الصيد - التصارع مع الذكور المنافسة، إذ كثيراً ما تحمل الحيتان البالغة ندبات يبدو أنها حُفِرت بأسنان حيتانٍ أخرى. تظهر على فك الحوت العلوي (إلى جانب التجاويف) بعض الأسنان البدائية، لكنها نادراً ما تنمو كفاية حتى تصل إلى الفم أو تكون قادرة على أداء وظيفةٍ ما. تُعَدُّ دراسة الأسنان أفضل الطرق الممكنة لقياس عمر حوت، فمثل حلقات الأشجار تبني الأسنان عند الحيتان طبقات منفصلة من الملاط والعاج خلال مراحل نموِّها.

التنفس والغوص لحوت العنبر

تعد حيتان العنبر - إلى جانب الحيتان قارورية الأنف والفقمات الفيليَّة (فيل البحر) - أكثر الثدييات قدرة على الغوص إلى الأعماق بحثاً عن الغذاء، إذ يعتقد أنها قادرة على الوصول إلى عمق ثلاثة كيلومترات تحت الماء والبقاء دون تنفس لمدة 90 دقيقة، إلا أنها مع ذلك تغوص في الأوضاع العالدية لعمق حوالي 400 متر ومدة 35 دقيقة فحسب. عند هذه الأعماق الهائلة، كانت تعلق حيتان العنبر أحياناً بتمديدات الاتصالات البحرية وتغرق حتى الموت، إلا إنَّ تقنيات التركيب والصيانة قد تحسَّنت لاحقاً فعولجت هذه المشكلة.

تكيَّفت حيتان العنبر لمقاومة التغيرات الضخمة في الضغط التي تتعرَّض لها عند الغوص. إذ يسمح قفصها الصدري المرن لرئتها بالانضغاط، لتخفِّض امتصاص النيتروجين، فيما ينخفضالتمثيل الغذائي للحفاظ على الأكسجين. وأما المايوغلوبين - الذي يُخزِّن الأكسجين في الأنسجة العضلية - فهو غني جداً عند حوت العنبر، أكثر بكثير من حيوانات اليابسة. وثمة كذلك كثافة عالية من خلايا الدم الحمراء في دم الحوت، والتي تحوي مادة الهيموغلوبين الناقلة للأكسجين، ويمكن تحويل هذا الدم المؤكسد إلى الدماغ والأعضاء الحيوية الأخرى عندما ينخفض مستوى الأكسجين. قد يكون لعضو العنبرية أيضاً دور في مساعدة الحوت على تحمل الضغط العالي عبر التأثير على قوة الطفو.

رغم أن حيتان العنبر متكيفة بشكلٍ جيد للغوص، إلا أنَّ غوصها باستمرارٍ إلى أعماق كبيرة قد يسبب تأثيرات طويلة المدى عليها. حيث تظهر على عظام هذه الحيتان بعد فترةٍ من الزمن حفر تشبه تلك التي تظهر عند البشر نتيجة مرض انعدام الضغط، وتزداد هذه الحفر حدَّة وكثرة كل ما كان الحوت أكبر سناً، أما الصِّغار فهي لا تتأثر. قد يعني هذا الضَّرر أن حيتان العنبر حساسة لمرض انعدام الضغط، بل وقد يكوت الصعود المفاجئ إلى سطح الماء مميتاً لها.
يصعد حوت العنبر باستمرارٍ إلى السطح بين نوبات غوصه ليتنفَّس الهواء لمدة ثمانية دقائق، ثم يعود للبحث عن الغذاء من جديد.تتنفس الحيتان المسنَّنة الهواء عند السطح من خلاء فتحة نفسٍ بشكل رقم 2، وهي تتنفس 3 إلى 5 مرات في الدقيقة خلال أوقات الراحة، وتزداد حتى 6 إلى 7 مرات بعد الغوص. يسبب زفير الحوت ضجَّة عالية، ويمكن لعمود الرذاذ الذي ينفثه أن يرتفع مترين، وأن ينطلق للأمام بزاوية 45 درجة. تزفر الإناث والصغار بالمتوسط مرة كل 12.5 ثانية قبل الغوص، أما الذكور الكبيرة فتفعل ذلك مرة كل 17.5 ثانية.

البيئة واماكن حوت العنبر

يعد حوت العنبر من بين أكثر أنواع الكائنات الحية انتشاراً جغرافياً. يفضل الحوت العيش في المياه الخالية من الجليد، على عمق أكثر من 1,000 متر. ورغم أن كلا الجنسين يعيشان في البحار المدارية والمعتدلة، إلا أن الذكور البالغة هي الوحيدة التي تعيش عند العروض العالية شمالاً أو جنوباً.

تعيش حيتان العنبر بأعدادٍ جيِّدة في كافة المناطق الممتدة من خط الاستواء حتى القطبين، ويقطن جميع المحيطات الأربعة، وكذلك البحر الأبيض المتوسط (لكن دون البحر الأسود)، وليس من المعروف على وجه التحديد ما إذا كان يقطن البحر الأحمر، وقد تكون مداخل البحرين الأحمر والأسود الضيّقة سبباً في عدم تواجد الحيتان بهما، كما إنَّ الطبقات الدنيا من البحر الأسود غير صالحةٍ لكونها ناقصةَ الأكسجين ولاحتوائها على تركيزاتٍ عالية من المركبات الكبريتية مثل كبريتيد الهيدروجين.

تتواجد جماعات حيتان العنبر بكثافةٍ أكبر بالقرب من المنحدرات القارية والأخاديد، وهي غالباً ما تعيش بعيداً عن السواحل في المياه العميقة، إلا أنها قد تُشَاهد قريباً من الساحل في المناطق التي تكون منحدراتها القارية صغيرةً وتنحدر بسرعةٍ إلى أعماقٍ بين 310 أمتار إلى 920 متراً. من المناطق الساحلية التي تقطنها الكثير من جماعات حيتان العنبرالأزور وجزيرة دومينيكا الكاريبيَّة.

دورة الحياة لحوت العنبر

حوت عنبر ميت على شاطئ نقطة ألتوريل في مدينة إنفرنيس، كان قد دخل لسان موراي البحري وعلق فيه.
حوت عنبر ميت على شاطئ نقطة ألتوريل في مدينة إنفرنيس، كان قد دخل لسان موراي البحري وعلق فيه.
يمكن لحيتان العنبر أن تعيش حتى عمر 70 عاماً أو أكثر. تعد حيتان العنبر مثالاً أساسياً على أنواع الحيوانات المنتقاة بأسلوب K، حيث يتناسب أسلوب تكاثرهامع الظروف البيئية المستقرة ويعتمد على معدل تكاثرٍ منخفض، ومساعدة كبيرة من الأبوين للصغار، ونمو بطيء، وحياة طويلة.

ليس من المعروف على وجه التحديد حتى الآن كيف تتزاوج حيتان العنبر. ثمة دلائل تشير إلى أنَّ لدى الذكور هرماً للسلطة والنفوذ، وثمة كذلك دلائل إلى أنَّ الأنثى يمكن أن تقبل رفيقها أو ترفضه. بعد الولادة، لا يساعد الذكور على رعاية الصغار.

تنضج الإناث جنسياً عند سن الحوالي 9 سنوات، وأكبر أنثى حاملٍ (بعبارةٍ أخرى، تزاوجت) معروفة في التاريخ كانت بعمر 41 سنة. تبلغ فترة الحمل 14 إلى 16 شهراً، وتضع الأنثى بعدها صغيراً واحداً، وعادةً ما تلد الإناث البالغة مرة واحدة كل 4 سنواتٍ إلى 20 سنة (رغم ذلك، كانت مُعدَّلات الحمل أكبر في الماضي خلال حقبة التحويت/صيد الحيتان). تعد ولادة أنثى حوت العنبر حدثاً اجتماعياً، إذ تحتاج الأنثى وصغيرها إلى الحماية ضدَّ المفترسين، وتشارك الحيتان الأخرى في القيام بهذه المهمة. كثيراً ما يتعرَّض الصغار للضرب والعض من الحيتان البالغة خلال ساعاتهم الأولى.

تستمرُّ رضاعة الصغير من الأم لمدة 19 إلى 42 شهراً، وقد تصل فترتها أحياناً إلى 13 سنة (رغم أنها تكون غالباً أقل من ذلك).ويمكن للصغار التغذي على حليب إناث غير أمهاتهم. مثل باقي الحيتان  فإن في حليب حوت العنبر دسماً أكبر ممَّا في حليب الثدييات البرية، إذ تبلغ نسبة دسم حليبه 36%، فيما تبلغ نسبة دسم حليب البقر 4%. ويمنح هذا الدسم حليب الحوت قواماً شديد التماسك، شبيهاً بقوام جبن قريش، ويمنعه ذلك من الذوبان في ماء البحر قبل أن يأكله الصغير. تبلغ الطاقة التي يحتويها حليب حوت العنبر 3,840 س/كلغم، مقابل 640 س/كلغم فحسب في حليب البقر.

ينضج الذكور جنسياً عند سن 18 عاماً، وعندما يبلغون يتجهون نحو عروضٍ أعلى حيث يكون الماء أبرد، وذلك للحصول على غذاءٍ أكبر، وأما الإناث فهي تبقى عند العروض المنخفضة. ويصل الذكر حجمه الأقصى عند سن 50 عاماً.

تغذي حوت العنبر

تغوص بعض الحيتان حتى مسافة تتراوح بين 300 و800 متر (بين 980 و2,600 قدم) تحت سطح الماء، وفي بعض الأحيان لما بين كيلومترٍ واحد أو كيلومترين (3,300–6,600 قدم) بحثًا عن الطعام. ويُمكن لهكذا غوصات أن تدوم أكثر من ساعةٍ من الزمن.تقتات حيتان العنبر على طائفةٍ واسعة من المخلوقات البحريَّة، وبالأخص: الحبَّار العملاق، والحبَّار الهائل، والأخطبوطات، وأنواعًا كثيرة من الأسماك مثل شفنين القاع، إلَّا أنَّ القسم الأعظم من قوتها يتكوَّن من الحبَّارات متوسطة الحجم.يُمكنُ للحوت أن يفترس كائنًا آخرًا عن طريق الصدفة، فيبتلعه أثناء ابتلاعه طريدةً أخرى قد أمسك بها وكان ذلك الكائن قد تعلَّق بها أو يسبح على مقربةٍ منها. أغلب المعلومات المُتوافرة عن حبَّارات قاع المُحيطات والبحار تمَّ الحصول عليها من عيِّناتٍ وُجدت في معدات حيتان عنبر أسيرة، وفي الدراسات الحديثة تمَّ الحصول على معلوماتٍ أخرى من بقايا الحبَّارات في براز الحيتان  أظهرت إحدى الدراسات التي أُجريت في المياه المُحيطة بجُزر الغلاباغوس أنَّ الحبَّارات المُنتمية لجنس الحولاء (Histioteuthis) تقتات عليها حيتان العنبر بنسبة 62%، وجنس حادَّة الأذن (Ancistrocheirus) بنسبة 16%، والأخطبوطات بنسبة 7%، وبالأخص تلك التي يتراوح وزنها بين 16 و650 غرامًا (بين 0.026 و1.4 أرطال). لم يشهد أحدٌ من البشر أيُّ صراعٍ بين حوت العنبر والحبَّار الهائل، الذي يبلغ وزنه حوالي 500 كيلوغرام (1,100 رطل)، غير أن الحيتان دائمًا ما يظهر على رأسها وظهرها ندوبٌ بيضاء يُعتقد أنَّ الحبَّارات تُسببها أثناء صراعها معها. أظهرت إحدى الدراسات المنشورة سنة 2010 احتماليَّة تعاون إناث الحيتان مع بعضها البعض عندما تصيدُ حبَّار همبولت.كذلك أشارت المُعطيات من أجهزة رصد الحيتان المُثبتة على أجساد بعض الأفراد أنَّها تصطاد بالمقلوب في أسفل الأعماق التي تغطس إليها، ويُعتقد أنَّها تفعل ذلك لأنَّهُ يُصبح من السهل عليها رؤية ظل الحبَّار فوقها بفضل ضوء السطح الخافت.

أظهرت دراسةٌ أقدم أُجريت على الحيتان التي أسرها أسطول التحويت في مضيق كوك بنيوزيلندا أنَّ نسبة الحبَّار في غذائها تبلغ 1.69:1 من نسبة الأسماك من حيث الوزن. في بعض الأحيان تُقدمُ حيتان العنبر على أكل الأسماك المُعلَّقة في أسلاك الصيد كطعمٍ لأنواعٍ مُعيَّنة من الأسماك الكبيرة، وقد اشتكا صيَّادوا السمك الذي يلجأون للصيد بالأسلاك الطويلة فيخليج ألاسكا من استمرار اقتيات حيتان العنبر على الطعوم الضخمة التي يُعلقونها بالأسلاك وقالوا أنَّها حتى تقتات على الأسماك المُصادة نفسها بعد أن تعلق بالشص. لكن على الرغم من ذلك، تبقى كميَّة الأسماك التي يستهلكها الحوت عبر هذه الوسيلة أقل بكثير من الكميَّة التي يستهلكها يوميًّا في الحالة الطبيعيَّة. أظهرت إحدى الشرائط المصوَّرة حوتًا ذكرًا وهو يقوم بهزّ الأسلاك حتى تتساقط منها الأسماك فيقتات عليها. يُعتقدُ أنَّ حيتان العنبر تقتات على القروش ضخمة الفم، وهي نوعٌ نادرٌ من القروش قاطنة الأغوار السحيقة المُكتشفة خلال عقد السبعينيَّات من القرن العشرين. وقد شوهدت ثلاثة حيتان عنبر وهي تتلاعب أو تُهاجم قرشًا ضخم الفم في مُناسبةٍ واحدة فقط.

ليست هناك تعليقات:

يتم التشغيل بواسطة Blogger.