الوقاية من المخدرات,معلومات عن الوقاية من المخدرات
تدل الدراسات والتقارير والأبحاث على مستوى العالم على أن مشكلة تعاطي المخدرات في ازدياد رغم الجهود الدولية لمكافحتها. فيبدو أن عصابات التهريب من القوة بحيث إنها تتغلب على كثير من الحواجز وقوى المكافحة. وهي بما تملكه من مال وقدرة على تسييل أموالها الحرام قادرة على التاثير والإفساد الكبير والاستمرار في ترويج بضاعتها الآثمه.
فهناك قناعة علمية وواقعية تدعو إلى التوجه في مكافحة المخدرات إلى جمهور المتعاطين. أي حيث إن الجهود لم تنجح في كبح قوى "العرض" فإن البديل الأنسب هو العمل على تقليل "الطلب" على المخدرات. وعملية تقليل الطلب تستلزم التوعيه والإرشاد، والوقاية بشكل رئيسي.
تتنوع سبل مواجهة المخدرات تبعا للمستوى الذي يتم فيه العمل. فحيث إن مشكلة المخدرات هي مشكلة متعددة المستويات وتكاد تكون نموذجا للمشكلات التي تشغل جميع مستويات النظام الاجتماعي الإنساني فهي تمثل ظاهرة عالمية محلية مجتمعية فردية في آن واحد. لهذا كان لا بد من مواجهتها في جميع هذه المستويات المتراتبة.
2- قسم المخدرات في المنظمة الدولية للشرطة الجنائية (INTERPOL)
3- الهيئة الدولية لمراقبة المخدرات (INCB)
4- منظمة الصحة العالمية (WHO)
5- منظمة العمل الدولية (ILO)
6- منظمة الأغذية والزراعة (FAO)
7- المجلس الدولي لمكافحة الإدمان على الكحول والمخدرات (ICAA)
8- صندوق برنامج الأمم المتحدة الدولي لمكافحة المخدرات والوقاية منها (UNFDAC) ويختص بدعم البلدان التي تعاني من مشاكل زراعة المخدرات أو الاتجار فيها أو تعاطيها. (انظر صالح السعد المخدرات أضرارها وأسباب انتشارها 1991).
أما على المستوى العربي فيوجد تعاون أمني وثيق بين جميع الدول العربية. ويكاد يكون مجلس وزراء الداخلية العرب من أنجح الهيئات العربية العاملة، فالمجلس بجهازه الفني والمتمثل بأمانته العامة ومكانته المتخصصة وجهازه العلمي المتثل في المركز العربي للدراسات الأمنية والتدريب، يشكل إسهاما عربيا كبيرا في هذا الحال (صالح السعد 1997).
كذلك المجالس العربية الوزارية الأخرى، كل يقوم بجهد في زاوية اختصاصه مثل: 1- مجلس وزراء الصحة
2- مجلس وزراء الشؤون الاجتماعية
3- المنظمة العربية وغيرها.
وإن المؤسسة العربية الجديرة بالاعتبار والتقدير لجهودها المتميزة هي أكاديمية الأمير نايف للدراسات الأمنية بالرياض،(المركز العربي للدراسات الأمنية والتدريب سابقا). وهذا الصرح العلمي أسهم ويسهم بشكل علمي منتظم في دراسة ظاهرة المخدرات، وانتشارها وما يتعلق بها من قوانين وإجراءات وعمليات، وكذلك يقدم التدريب اللازم للعاملين في أجهزة الأمن العربية لترشيد سبل المكافحة والمعالجة. وقد أنتج المركز عشرات الكتب المتخصصة في هذا المجال وكذلك عشرات البحوث ومئات المقالات العلمية والإرشادية في شأن المخدرات.
مجمل إنتاج المركز ونشاطاته العلمية من مؤتمرات وندوات تشكل ذخيرة علمية متميزة، تساعد كل من يشغله شأن مكافحة المخدرات. ويجد فيها طالب العلم، والمختص الاجتماعي ضالته في المعرفة وأساليب العمل. ويمكن لمن يريد التعرف على الإنتاج العلمي الغزير لأكاديمية نايف العربية للعلوم الأمنية في مجال مكافحة المخدرات أن يراجع مجلة الأمن والحياة عدد 202 ربيع الأول 1420، حيث فيها توثيق موجز لهذا الإنتاج العلمي.
إن جهود المكافحة أو الوقاية ينبغي أن تكون متكاملة ومتساندة ليس بينها تناقض أو تضارب فإذا حرمت الخمر فالطرق الموصلة إليها محرمة كذلك. فلا معنى لمحاربة سلوك وفي الوقت نفسه تسهيل كل الطرق الموصله إليه. ينبغي أن تكون الوسائل والغايات كلها حلالا، عدا ذلك فإن الانحراف والنفاق والتناقض السلوكي ستكون سمات الجيل الذي ينشأ في هذا السياق المعياري المتناقض الذي تتصادم فيه القيم والمعايير والوسائل والأعمال والغايات.
إن تعاطي المخدرات في النهاية هو سلوك، وخيار فردي موجه ومتأثر بعوامل شخصيه واجتماعية محلية ودولية. وعلى هذا فينبغي النظر إلى التعاطي بهذا المنظار السلوكي والبيئي الشامل. والكف عن النظر إليه باعتباره مرضا، والتعامل مع المتعاطي على أنه مريض. من هنا ينبغي إعطاء "علاج" المدمنين مكانه المناسب ليس أكثر، فالعلاج مصطلح طبي يناسب مصطلح "المرض" وتعاطي المخدرات ليست مرضا، بالمعنى الجسدي للمرض. بل هو سلوك منحرف، له أضرار نفسية واجتماعية وطبية.
نرى أن للمقاومة والمكافحة الناجحة لإدمان المخدرات إضافة إلى الجهود الدولية والوطنية لا بد من العمل على مستوى المجتمع المحلي والأسر والأفراد. يقترح مصطفى سويف قائلا "… هل آن الأوان لكي يفكر المسؤولون في مصر وفي بقية الدول العربية جميعا في إنشاء مركز بحوث لحوادث المرور، يلحق بالإدارة المركزيه للمرور، يكون من يبن مهامه توقيع الفحص المعملي على السوائل البيولوجية تؤخذ فورا من قائدي المركبات حال تورطهم في الحوادث لمعرفة ما إذا كانوا واقعين تحت تأثير أي مخدر لحظه وقوع الحوادث. ويضيف أيضا: هل آن الأوان كي يخطط من الآن ليصبح فحص السوائل البيولوجية جزءا لا يتجزأ من إجراءات الضبط حال وقوع جرائم العنف؟ هكذا تكون العلاقة بين العلم والعمل.
ونذكر في ما يلي مجموعة من السمات أو الخصائص التي يمكن أن تكون مفتاحا للتعرف على شخص يتعاطى المخدرات، أو يقع تحت ضغط رفاق السوء وسلوكهم المشين.
- احتقان العينين وزوغان البصر
- الضعف والخمول وشحوب الوجه
- الانطواء والعزلة
- الاكتئاب
- السلوك العدواني
- التعب والإرهاق عند بذل أقل مجهود بدني
- العلاقات السيئة مع الأصدقاء
- كثرة التغيب عن المؤسسة التعليمية
- السرقة
- كثرة التغيب عن البيت
- النوم أثناء الدروس والمحاضرات
- الخداع والكذب
وهنا نشير إلى منحى إصلاحي تعزيزي مع الشباب يقوم على بناء وتعزيز قدرات الشباب الفكرية والاجتماعية والسلوكية، وتنمية ثقتهم بأنفسهم، وتبصيرهم بدورهم الاجتماعي العام، وتسهيل سبل الإنجاز والإسهام لهم. ينبغي أن تزداد ثقتنا بالشباب والأطفال، وأن نساعدهم في زيادة ثقتهم بأنفسهم. لا بد من الإسهام في تنشئة جيل قوي واثق من نفسه، يسعى أكثر نحو تحقيق إنجازات إيجابية، وليس مرهوبا أو مسكونا بالخوف، من ارتكاب أخطاء أو التعرض لمخاطر أو الوقوع فريسة أو ضحية لآخرين. فبدلا من أن يرى الشباب الحياة مجموعة من المصائد والمكائد، أو المخاطر والمآزق يراها منظومة من الفرص والتحديات والعتبات التي يتجاوزها ويكتسب في كل خطوة قوة أكثر واعتزازا أكثر واندفاعا أسرع نحو آفاق أعلى من الإنجاز.
هنا نشير إلى عدد من المقترحات، المعززة لعناصر المناعة لدى الشباب قد تبين لنا أن ضعاف الشخصية والذين لا يعرفون أن يقولوا لا، أو يرفضوا إغواء أصدقائهم، أو الذين هم في مأزق ومشاكل اجتماعية أو تعليمية ولا يمتلكون مهارات التعامل معها، أو حلها مثل هؤلاء هم أكثر عرضة للوقوع فريسة للمخدرات من غيرهم من الناس.
ابتداء نقول إن طبيعة السلوك داخل الأسر وخاصة سلوك الوالدين لها تأثيرات كبيرة على بقية أفراد الأسرة. وأول ما ينبغي تأكيده هنا هو القدوة والمثال الذي يمثله الوالدان لا بد أن يكونا القدوة في السلوك قولا أو فعلا. إن دراسات التعاطي تبين أن الاطفال الذين يعشيون في أسر يوجد فيها متعاط خاصة أحد الوالدين تكون احتمالية التعاطي أكبر. فأول حصن للوقاية هو القدوة الحسنة من قبل الوالدين وبقية أفراد الأسرة.
يتضح من عدد من الدراسات والبحوث العلمية حول السلوك المنحرف أن لطبيعة ممارسات الوالدين أثرها على ذلك السلوك. فقد لا يحسن الوالدين تربية الأبناء، أو يتصف أسلوب معاملاتهم بالقسوة أو العنف أو التسيب والتدليل. أو قد يتسم جو الأسرة بالشحناء والتباغض، والقول السيئ. إن الإيذاء اللفظي بالسب أو اللعن أو الإهانة أو وصف الأطفال بصفات مكروهة في هذا قتل لنفسياتهم وشخصياتهم. وما ينبغي الإشارة إليه هنا هو أهمية توعية الوالدين وتبصيرهم وتدريبهم على مهارات الأبوة والأمومة، وحسن التعامل مع آبائهم، خاصة مع الأطفال في سن النماء والتنشئة والتغيرات الجسدية والعاطفية. ما تسمى مرحلة المراهقة حيث إن سوء معاملة الأسرة قد يدفع الأبناء إلى مصادر التوجيه والاهتمام خارج الأسرة، حيث رفاق السوء وقناصو الانحراف.
ينبغي أيضا في الجهات المهتمة والمسؤولة أن تساعد الأسر التي فيها متعاط، حيث إن الظروف الاقتصادية والاجتماعية السلبية قد تكون عبئا ثقيلا على هذه الأسر فلا تسمح لها بتقديم الرعاية المناسبة لأطفالها. فلا نتوقع أن تؤدي الأسرة دورها، وهي في ضائقة مالية، أو في ورطة اجتماعية، فلا بد من حل مشكلات هذه الأسر أو مساعدتها في حل مشكلاتها، وإكسابها أساليب أفضل للتعامل والتواصل. وكذلك إكسابها قدرات ومهارات تساعدها في تحسين اقتصادياتها وارتباطها بالمجتمع.
وبإجمال ينبغي رفع الكفاءة الاجتماعية للأسرة من حيث توثيق ترابطها مع المجتمع المحلي، ومؤسساته وموارده، وتحسين علاقتها بالجوار، وجعل الجوار منظومة متساندة متعاضدة فهي تعمل جميعها في سبل تحقيق مصالحها كلها، ومواجهة ما يعترضها من مصاعب.
وأمر هام ينبغي الالتفاف إليه وهو أن يكون التركيز في العمل الأسري على كامل الأسرة، وليس على الفرد المتعاطي. فالتركيز على المتعاطي فيه استحياء للمشكلة وجعلها في دائرة الضوء باستمرار وبالتالي جعل المتعاطي هو المشكلة المستمرة.
لكن التركيز على الأسرة يجعل الاهتمام أوسع، ويجعله منهجيا نحو تحقيق تغييرات إيجابية إصلاحية في بناء الأسرة. وما يجعل إصلاح المتعاطي نتيجة طبيعية لهذه الجهود، ومنها إشعار له بطبيعتها وليس بإشكاليته وسوء صنعه. أي ينبغي أن يتم بناء وصناعة بيئة صالحة مقاومة للانحراف، وفي الوقت نفسه مساندة للمخطيئن ليقلعوا عن خطئهم طوعا وبالتدريج.
الوقاية من المخدرات,معلومات عن الوقاية من المخدرات |
فهناك قناعة علمية وواقعية تدعو إلى التوجه في مكافحة المخدرات إلى جمهور المتعاطين. أي حيث إن الجهود لم تنجح في كبح قوى "العرض" فإن البديل الأنسب هو العمل على تقليل "الطلب" على المخدرات. وعملية تقليل الطلب تستلزم التوعيه والإرشاد، والوقاية بشكل رئيسي.
تتنوع سبل مواجهة المخدرات تبعا للمستوى الذي يتم فيه العمل. فحيث إن مشكلة المخدرات هي مشكلة متعددة المستويات وتكاد تكون نموذجا للمشكلات التي تشغل جميع مستويات النظام الاجتماعي الإنساني فهي تمثل ظاهرة عالمية محلية مجتمعية فردية في آن واحد. لهذا كان لا بد من مواجهتها في جميع هذه المستويات المتراتبة.
البعد العربي والدولي لمكافحة المخدرات
إن مكافحة المخدرات تقتضي العمل في مستويات متعددة من النشاطات فحيث إن المشكلة عالمية فلا بد أن يتم التعاون الدولي لأجل منع إنتاجها وتهريبها واستهلاكها. لهذا الأمر توجد اتفاقيات ومنظمات ونشاطات عالمية تعنى بهذا الأمر، وتسعى لأجل وقف إنتاج وتوزيع المخدرات. وحيث إن المخدرات أصبحت سلعة اقتصادية ومصدر ثروة حرام للعديد من الأشخاص والمنظمات الشريرة فإن المكافحة يجب أن تتوجه نحو جميع عناصر وعمليات ومناشط الإنتاج والتوزيع والاستهلاك. وأن تعمل بجميع منافذها ومساربها بحزم وإخلاص. على كل رغم الجهود الدولية فإن مشكلة تهريب المخدرات وتوزيعها تخطت كل الحواجز وواصلت عمليات الإفساد والتخريب للأجيال الشابة. هذا يعني أن قوى الشر والإفساد لا تزال تمتلك من التأثير الشيء الكثير، ربما مكنها ما تملكه من مال وثروة في بعض الأحوال والدول أن تمتلك من القدرات البشرية والمادية والتكنولوجيا المتقدمة ما لم تملكه تلك الدول. هذا لا يعني خسارة المعركة مع شياطين المخدرات، ولكن يشير إلى أنه لا بد من العمل المحكم الجاد وعلى جميع المستويات.
وعلى هذا فإن عمليات مكافحة المخدرات ومكافحة عصابات الإجرام هي مسؤولية عالمية، ينبغي أن تشترك فيها جميع دول العالم ومنظماته الدولية. وهذا بالفعل ما يحصل، وتوجد العديد من المنظمات والنشاطات والمبادرات التابعة للأمم المتحدة التي تهتم بمكافحة المخدرات وما يرتبط بها من قضايا ومنها:
1- برنامج الامم المتحدة الدولي لمكافحة المخدرات (UNDCIP)2- قسم المخدرات في المنظمة الدولية للشرطة الجنائية (INTERPOL)
3- الهيئة الدولية لمراقبة المخدرات (INCB)
4- منظمة الصحة العالمية (WHO)
5- منظمة العمل الدولية (ILO)
6- منظمة الأغذية والزراعة (FAO)
7- المجلس الدولي لمكافحة الإدمان على الكحول والمخدرات (ICAA)
8- صندوق برنامج الأمم المتحدة الدولي لمكافحة المخدرات والوقاية منها (UNFDAC) ويختص بدعم البلدان التي تعاني من مشاكل زراعة المخدرات أو الاتجار فيها أو تعاطيها. (انظر صالح السعد المخدرات أضرارها وأسباب انتشارها 1991).
أما على المستوى العربي فيوجد تعاون أمني وثيق بين جميع الدول العربية. ويكاد يكون مجلس وزراء الداخلية العرب من أنجح الهيئات العربية العاملة، فالمجلس بجهازه الفني والمتمثل بأمانته العامة ومكانته المتخصصة وجهازه العلمي المتثل في المركز العربي للدراسات الأمنية والتدريب، يشكل إسهاما عربيا كبيرا في هذا الحال (صالح السعد 1997).
كذلك المجالس العربية الوزارية الأخرى، كل يقوم بجهد في زاوية اختصاصه مثل: 1- مجلس وزراء الصحة
2- مجلس وزراء الشؤون الاجتماعية
3- المنظمة العربية وغيرها.
وإن المؤسسة العربية الجديرة بالاعتبار والتقدير لجهودها المتميزة هي أكاديمية الأمير نايف للدراسات الأمنية بالرياض،(المركز العربي للدراسات الأمنية والتدريب سابقا). وهذا الصرح العلمي أسهم ويسهم بشكل علمي منتظم في دراسة ظاهرة المخدرات، وانتشارها وما يتعلق بها من قوانين وإجراءات وعمليات، وكذلك يقدم التدريب اللازم للعاملين في أجهزة الأمن العربية لترشيد سبل المكافحة والمعالجة. وقد أنتج المركز عشرات الكتب المتخصصة في هذا المجال وكذلك عشرات البحوث ومئات المقالات العلمية والإرشادية في شأن المخدرات.
مجمل إنتاج المركز ونشاطاته العلمية من مؤتمرات وندوات تشكل ذخيرة علمية متميزة، تساعد كل من يشغله شأن مكافحة المخدرات. ويجد فيها طالب العلم، والمختص الاجتماعي ضالته في المعرفة وأساليب العمل. ويمكن لمن يريد التعرف على الإنتاج العلمي الغزير لأكاديمية نايف العربية للعلوم الأمنية في مجال مكافحة المخدرات أن يراجع مجلة الأمن والحياة عدد 202 ربيع الأول 1420، حيث فيها توثيق موجز لهذا الإنتاج العلمي.
المكافحة الشاملة
ما ينبغي الإشارة إليه بإيجاز هنا أن السلوك الإنساني ليس فعلا أو أفعالا مفتتة. لكنه منظومة متكاملة من السلوكيات والظروف الفردية والاجتماعية والبيئية. وسواء كان العمل إصلاحيا أو علاجيا أو وقائيا فينبغي له تفهم تعقيد السلوك الإنساني، إن الحديث النبوي الشريف التالي "يبين بوضوح منظومة السلوك المرتبط بالخمر. عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال "لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم في الخمر عشرة، عاصرها ومعتصرها وشاربها وحاملها والمحمولة إليه وساقيها وبائعها وآكل ثمنها والمشتري لها والمشتراة له". فشرب الخمر فعل تشترك فيه هذه الفئات العشرة من الناس، بمختلف مراحل إنتاج وتوزيع واستهلاك الخمور، وما ينطبق على الخمر ينطبق على غيرها من الموبقات والمحرمات مثل بقية المخدرات.إن جهود المكافحة أو الوقاية ينبغي أن تكون متكاملة ومتساندة ليس بينها تناقض أو تضارب فإذا حرمت الخمر فالطرق الموصلة إليها محرمة كذلك. فلا معنى لمحاربة سلوك وفي الوقت نفسه تسهيل كل الطرق الموصله إليه. ينبغي أن تكون الوسائل والغايات كلها حلالا، عدا ذلك فإن الانحراف والنفاق والتناقض السلوكي ستكون سمات الجيل الذي ينشأ في هذا السياق المعياري المتناقض الذي تتصادم فيه القيم والمعايير والوسائل والأعمال والغايات.
إن تعاطي المخدرات في النهاية هو سلوك، وخيار فردي موجه ومتأثر بعوامل شخصيه واجتماعية محلية ودولية. وعلى هذا فينبغي النظر إلى التعاطي بهذا المنظار السلوكي والبيئي الشامل. والكف عن النظر إليه باعتباره مرضا، والتعامل مع المتعاطي على أنه مريض. من هنا ينبغي إعطاء "علاج" المدمنين مكانه المناسب ليس أكثر، فالعلاج مصطلح طبي يناسب مصطلح "المرض" وتعاطي المخدرات ليست مرضا، بالمعنى الجسدي للمرض. بل هو سلوك منحرف، له أضرار نفسية واجتماعية وطبية.
نرى أن للمقاومة والمكافحة الناجحة لإدمان المخدرات إضافة إلى الجهود الدولية والوطنية لا بد من العمل على مستوى المجتمع المحلي والأسر والأفراد. يقترح مصطفى سويف قائلا "… هل آن الأوان لكي يفكر المسؤولون في مصر وفي بقية الدول العربية جميعا في إنشاء مركز بحوث لحوادث المرور، يلحق بالإدارة المركزيه للمرور، يكون من يبن مهامه توقيع الفحص المعملي على السوائل البيولوجية تؤخذ فورا من قائدي المركبات حال تورطهم في الحوادث لمعرفة ما إذا كانوا واقعين تحت تأثير أي مخدر لحظه وقوع الحوادث. ويضيف أيضا: هل آن الأوان كي يخطط من الآن ليصبح فحص السوائل البيولوجية جزءا لا يتجزأ من إجراءات الضبط حال وقوع جرائم العنف؟ هكذا تكون العلاقة بين العلم والعمل.
العلاج والوقاية من المخدرات
يمثل هذا الجانب البعد الطبي للمشكلة، وهو يهتم بإزالة سمية المخدرات من جسد المتعاطي. ومعالجة الأعراض الانسحابية الجسدية والسلوكية التي تنتج عن ذلك. ودون خوض في التفاصيل يمثل هذا العلاج جانبا هاما في التعامل مع التعاطي بشكل آني، لكنه لا يمثل كل ما يجب عمله. فالعلاج الطبي أحد الجوانب وليس كلها وقد التبس على كثيرين تفسير مشكلة تعاطي المخدرات، على أنها مشكلة جسدية، وأن التعاطي هو نتاج ميول حيوية جينية عند المتعاطي. وهذا التفسير القاصر له جوانب سلبية كثيرة، حيث إنه يحصر المشكلة في شخص المدمن أو المتعاطي، وبالتالي يتم إهمال أو غفال جوانب المشكلة الاخرى. ويسرنا انه بدأت تتضح رؤى التكامل في تفسير مثل هذه المشكلات الاجتماعية. ومن ثم الادراك القويم لمستويات العمل اللازمة المتنوعة وما تستلزمه من عمل فرق العمل المتعددة المتساندة.التعرف إلى سمات المتعاطين وسلوكياتهم
إن تعاطي المخدرات والإدمان عليها هو سلوك اجتماعي فردي يتم اكتسابه بالتدريج وإن الوقوع ضحية للمخدرات لا يأتي فجأة بل هو عملية مستمرة تبدأ من انحراف أو خطأ بسيط بتقبل تجريب المخدرات بدافع حب الاستطلاع أو بضغط من رفاق السوء. لكن دورة التعاطي هذه تستمر، وتأخذ ضريبتها من سلوك المتعاطي وعلاقاته الاجتماعية ووضعه الصحي.ونذكر في ما يلي مجموعة من السمات أو الخصائص التي يمكن أن تكون مفتاحا للتعرف على شخص يتعاطى المخدرات، أو يقع تحت ضغط رفاق السوء وسلوكهم المشين.
- احتقان العينين وزوغان البصر
- الضعف والخمول وشحوب الوجه
- الانطواء والعزلة
- الاكتئاب
- السلوك العدواني
- التعب والإرهاق عند بذل أقل مجهود بدني
- العلاقات السيئة مع الأصدقاء
- كثرة التغيب عن المؤسسة التعليمية
- السرقة
- كثرة التغيب عن البيت
- النوم أثناء الدروس والمحاضرات
- الخداع والكذب
الوقاية
إن الوقاية وبناء الحصانه الذاتية والمجتمعية هي أفضل إستراتيجية لمواجهة المخدرات على المستوى بعيد المدى. ووضعنا الوقاية في نهاية المطاف، استشعارا لأهميتها، وتنبيها على ضرورة أن تكون في صدارة الاهتمام. إبراز معلومات حقيقية ومتوازنه حول المخدرات. فيها ترهيب من الاستخدام والتعريف بمضار المخدرات، وكذلك ترغيب بالامتناع والمقاومه وعدم الخضوع لقوى الضلال.وهنا نشير إلى منحى إصلاحي تعزيزي مع الشباب يقوم على بناء وتعزيز قدرات الشباب الفكرية والاجتماعية والسلوكية، وتنمية ثقتهم بأنفسهم، وتبصيرهم بدورهم الاجتماعي العام، وتسهيل سبل الإنجاز والإسهام لهم. ينبغي أن تزداد ثقتنا بالشباب والأطفال، وأن نساعدهم في زيادة ثقتهم بأنفسهم. لا بد من الإسهام في تنشئة جيل قوي واثق من نفسه، يسعى أكثر نحو تحقيق إنجازات إيجابية، وليس مرهوبا أو مسكونا بالخوف، من ارتكاب أخطاء أو التعرض لمخاطر أو الوقوع فريسة أو ضحية لآخرين. فبدلا من أن يرى الشباب الحياة مجموعة من المصائد والمكائد، أو المخاطر والمآزق يراها منظومة من الفرص والتحديات والعتبات التي يتجاوزها ويكتسب في كل خطوة قوة أكثر واعتزازا أكثر واندفاعا أسرع نحو آفاق أعلى من الإنجاز.
هنا نشير إلى عدد من المقترحات، المعززة لعناصر المناعة لدى الشباب قد تبين لنا أن ضعاف الشخصية والذين لا يعرفون أن يقولوا لا، أو يرفضوا إغواء أصدقائهم، أو الذين هم في مأزق ومشاكل اجتماعية أو تعليمية ولا يمتلكون مهارات التعامل معها، أو حلها مثل هؤلاء هم أكثر عرضة للوقوع فريسة للمخدرات من غيرهم من الناس.
تمكين الشباب وتعزيز قدراتهم
إن من أفضل الأشياء التي يمكن عملها لتعزيز قدرات الشباب وجعلهم يتخذون قرارات ذكية تجاه المخدرات بما فيها التدخين. هي تمكينهم واحترامهم، وتعزيز فرصهم في المشاركة والإسهام الإيجابي في خدمة أنفسهم، وأسرتهم ومجتمعهم.العمل مع الأسرة
في منظومة المكافحة الشاملة للمخدرات ينبغي أن يكون للأسرة دور فاعل ومعتبر. فالأسرة تمثل خط الدفاع والحصانة الاجتماعية الأولى والأبرز. لهذا تكون جهود المقاومة أو المكافحة ناقصة وعرضة للفشل إن لم تكن الأسرة واحدة من أركان هذه الجهود ونشير هنا بإيجاز إلى ما يجب عمله مع أسر المتعاطين وما يجب أن تعمله هذه الأسر.ابتداء نقول إن طبيعة السلوك داخل الأسر وخاصة سلوك الوالدين لها تأثيرات كبيرة على بقية أفراد الأسرة. وأول ما ينبغي تأكيده هنا هو القدوة والمثال الذي يمثله الوالدان لا بد أن يكونا القدوة في السلوك قولا أو فعلا. إن دراسات التعاطي تبين أن الاطفال الذين يعشيون في أسر يوجد فيها متعاط خاصة أحد الوالدين تكون احتمالية التعاطي أكبر. فأول حصن للوقاية هو القدوة الحسنة من قبل الوالدين وبقية أفراد الأسرة.
يتضح من عدد من الدراسات والبحوث العلمية حول السلوك المنحرف أن لطبيعة ممارسات الوالدين أثرها على ذلك السلوك. فقد لا يحسن الوالدين تربية الأبناء، أو يتصف أسلوب معاملاتهم بالقسوة أو العنف أو التسيب والتدليل. أو قد يتسم جو الأسرة بالشحناء والتباغض، والقول السيئ. إن الإيذاء اللفظي بالسب أو اللعن أو الإهانة أو وصف الأطفال بصفات مكروهة في هذا قتل لنفسياتهم وشخصياتهم. وما ينبغي الإشارة إليه هنا هو أهمية توعية الوالدين وتبصيرهم وتدريبهم على مهارات الأبوة والأمومة، وحسن التعامل مع آبائهم، خاصة مع الأطفال في سن النماء والتنشئة والتغيرات الجسدية والعاطفية. ما تسمى مرحلة المراهقة حيث إن سوء معاملة الأسرة قد يدفع الأبناء إلى مصادر التوجيه والاهتمام خارج الأسرة، حيث رفاق السوء وقناصو الانحراف.
ينبغي أيضا في الجهات المهتمة والمسؤولة أن تساعد الأسر التي فيها متعاط، حيث إن الظروف الاقتصادية والاجتماعية السلبية قد تكون عبئا ثقيلا على هذه الأسر فلا تسمح لها بتقديم الرعاية المناسبة لأطفالها. فلا نتوقع أن تؤدي الأسرة دورها، وهي في ضائقة مالية، أو في ورطة اجتماعية، فلا بد من حل مشكلات هذه الأسر أو مساعدتها في حل مشكلاتها، وإكسابها أساليب أفضل للتعامل والتواصل. وكذلك إكسابها قدرات ومهارات تساعدها في تحسين اقتصادياتها وارتباطها بالمجتمع.
وبإجمال ينبغي رفع الكفاءة الاجتماعية للأسرة من حيث توثيق ترابطها مع المجتمع المحلي، ومؤسساته وموارده، وتحسين علاقتها بالجوار، وجعل الجوار منظومة متساندة متعاضدة فهي تعمل جميعها في سبل تحقيق مصالحها كلها، ومواجهة ما يعترضها من مصاعب.
وأمر هام ينبغي الالتفاف إليه وهو أن يكون التركيز في العمل الأسري على كامل الأسرة، وليس على الفرد المتعاطي. فالتركيز على المتعاطي فيه استحياء للمشكلة وجعلها في دائرة الضوء باستمرار وبالتالي جعل المتعاطي هو المشكلة المستمرة.
لكن التركيز على الأسرة يجعل الاهتمام أوسع، ويجعله منهجيا نحو تحقيق تغييرات إيجابية إصلاحية في بناء الأسرة. وما يجعل إصلاح المتعاطي نتيجة طبيعية لهذه الجهود، ومنها إشعار له بطبيعتها وليس بإشكاليته وسوء صنعه. أي ينبغي أن يتم بناء وصناعة بيئة صالحة مقاومة للانحراف، وفي الوقت نفسه مساندة للمخطيئن ليقلعوا عن خطئهم طوعا وبالتدريج.
ليست هناك تعليقات: