دروس وعبر من احتلال الإنجليز مصر

دروس وعبر من احتلال الإنجليز مصر

دروس وعبر من احتلال الإنجليز مصر
دروس وعبر من احتلال الإنجليز مصر

العبرة الأولى من احتلال الإنجليز مصر:

أن أعداء الأمة الإسلامية من اليهود والنصارى وغيرهم لم ولن يفتروا عن محاربتها والكيد لها، ومحاولة تفريق شملها، وبث التنازع داخل صفوفها ، وإيجاد الثغرات التي يتمكنون من الولوج من خلالها ، واحتلال أراضيها، ونهب ثرواتها. قال تعالى: (ولا يزالون يقاتلونكم).

العبرة الثانية من احتلال الإنجليز مصر:

 أن لا تأمن الدولة المسلمة كيد عدوها لها، ومكره بها، بل تقدر أسوأ الاحتمالات نتيجة لهذا الكيد والمكر، ولو كان احتلال أرضها ، ولتكن كما قال تعالى: (يا أيها الذين آمنوا خذوا حذركم) وكما قال: (وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة). فتُعد القوة اللازمة الرادعة للعدو من أسلحة متنوعة متعددة المصادر لردعه إذا ما فكر في الأمر السابق. 

العبرة الثالثة من احتلال الإنجليز مصر:

أن تحذر الدولة المسلمة من جواسيس أعدائها الذين يقدمون إليها على هيئات مختلفة –إما خبراء أو سياح أو باحثين..- وهم إنما يرصدون أحوالها تمهيداً لما ينوون التخطيط له تجاهها؛ إما غزواً ثقافياً أو عسكرياً.

العبرة الرابعة من احتلال الإنجليز مصر:

أن الأفكار العنصرية الجاهلية التي يقع فيها بعض المسلمين؛ من تعصب لجنس أو أرض، تؤدي إلى تفريق الدولة المسلمة وإضعافها؛ مما يسهل المهمة أمام العدو المتربص بها.
فلو لم تكن هناك فجوة عنصرية جاهلية بين الترك والعرب –مثلاً- لما استطاع الغرب تفتيت العالم الإسلامي، مستغلاً هذا الأمر في إذكاء نار الفرقة بين الطائفتين . فلتأخذ الدولة المسلمة على يد كل من يثير مثل هذه النعرات الجاهلية بين أبنائها؛ ولو كان على سبيل المزاح.

العبرة الخامسةمن احتلال الإنجليز مصر:

أن مخالفة أوامر الله بالركون إلى أعدائه من اليهود والنصارى والمنافقين وأهل البدع ، وتوليتهم المناصب، وتقريبهم ؛ يؤدي حتماً بالبلد المسلم إلى الهاوية، وتسليمه للعدو –سياسياً أو فكرياً- بأبخس الأثمان – كما حدث في مصر بجهود اليهود والنصارى الأرمن والمنافقين وغيرهم - . والله يقول (يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا بطانة من دونكم لا يألونكم خبالاً..) وكم في التاريخ من نماذج وأمثلة للخيانات التي قام بها الكفار والمنافقون لأمة الإسلام . فلتحرص الدولة المسلمة على عدم تقريب هؤلاء من السلطات المؤثرة ، واتخاذهم بطانة ؛ فإنهم سرعان ما ينقلبون عليها ساعة العسرة. ولا يبقى لها إلا أهل الإيمان، وأصحاب العقيدة السليمة. 

العبرة السادسة من احتلال الإنجليز مصر:

أن تبتعد الدولة المسلمة عن الإسراف وتبذير الأموال فيما لا ينفع العباد والبلاد؛ مما يؤدي بها إلى الاستدانة من أعدائها بفوائد ربوية تتراكم عليها، تكون نهايتها وقوع البلد في قبضتهم رويداً رويداً، ثم يبدأ الابتزاز والضغط عليها لتنصاع لأهوائهم في شتى المجالات.

فخير للبلد المسلم أن يبتعد عن الترف والإسراف والتعامل بالربا الذي عاقبته المحق والهلاك وتسلط الأعداء. قال تعالى: (وكلوا واشربوا ولا تُسرفوا إنه لا يُحب المسرفين ) وقال :( يمحق الله الربا ويربي الصدقات ) .

العبرة السابعةمن احتلال الإنجليز مصر:

إذا اضُطرت الدولة المسلمة إلى المال فليكن ذلك عن طريق التعاون مع أبنائها أو الدول المسلمة الأخرى عبر صناديق تعاونية مشتركة تحميها من الربا والاستدانة من أعدائها. 

العبرة الثامنة من احتلال الإنجليز مصر:

أن تنظر الدولة المسلمة في عاقبة أي مشروع ضخم يُقْترح عليها أو تقوم به، ومدى مصلحته للبلاد، وتوازن بين مصالحه ومفاسده، وتستشير الخبراء من أهل الأمانة. 

العبرة التاسعة من احتلال الإنجليز مصر:

أن تحد الدولة المسلمة من هجرة الأجانب (غير المسلمين) إليها؛ ممن يُكونون أرضية ممهدة لتدخل الأعداء ، وفرض الامتيازات لهم .. الخ . ولتتخذ الاحتياطات اللازمة حال الحاجة لبعضهم لتجنب شرورهم؛ كالتفريق بينهم ومراقبتهم. 

العبرة العاشرة من احتلال الإنجليز مصر:

أن تحذر الدولة المسلمة من الشخصيات المشبوهة التي تحل أرضها –سواءً ممن يدعون الإسلام أم من غيرهم- ويكون لها نشاط مريب في بث الأفكار المنحرفة بين شباب البلاد؛ مما يكون عاقبته شراً ؛ فإن معظم النار من مستصغر الشرر. 

وتأمل ماذا فعل الأفغاني المشبوه وهو فرد واحد بأهل مصر حتى أرداهم في الهاوية بأفكاره السامة.

ولا تحتقر كيد الضعــيف فربما *** تموت الأفاعي من سموم العقارب

فقد هدّ قُدمًا عرش بلقيس هدهدٌ *** وخرّب فأرٌ قبل ذا سـدَ مأرب

العبرة الحادية عشرة من احتلال الإنجليز مصر:

أن تعلم الدولة المسلمة أن ما يسمى بـ"الحرية الإعلامية" –سواء في الصحافة أم في غيرها- التي تجعل مسائل الشرع كلأ مباحاً لكل أحد، وتسمح بالجرأة على العلماء ورجال الدولة هي فكرة مخادعة ضارة بالبلاد؛ لأنها تؤدي إلى بث الاختلافات المتنوعة بين الناس وتغذية النـزاعات والخصومات، وشحن النفوس، وتهييجها وتحزيبها، وتمهد بتمزق البلاد فكرياً قبل تمزقه سياسياً. 

فلتحد الدولة المسلمة من هذه الحرية المزعومة التي يروج لها الأعداء بخُبث ؛ لأنهم يعلمون ما يجنونه منها، ولتوجه وسائل إعلامها إلى ما ينفع الناس ويجمعهم على الحق الظاهر.

وخير ما تفعله الدولة في وسائل إعلامها: تقليل برامج ومقالات الرأي التي تؤدي إلى ما سبق بيانه، والاستغناء عنها بالمقالات العلمية النافعة (سواء في الطب أو الحاسب أو الهندسة أو الفيزياء... الخ). وبعث ذوي العقول والنوابغ الموجودين لديها بدلا من عبث أهل الرأي وخوضهم بالباطل .

العبرة الثانية عشرة من احتلال الإنجليز مصر:

أن تتيقن الدولة المسلمة أن أعداء الإسلام (يهودًا ونصارى ومنافقين وغيرهم) سيقفون صفاً واحداً أمامها وقت الفتن والأزمات –مهما اختلفوا فيما بينهم- كما قال تعالى: (تحسبهم جميعاً ). وقد رأينا كيف غضت فرنسا الطرف عن احتلال الإنجليز لمصر رغم عداوتهما الظاهرة –ولكن الكفر ملة واحدة-. وكما فعل " ديلسبس " الفرنسي عندما غدر بعرابي في حادثة سد القناة .

العبرة الثالثة عشرة من احتلال الإنجليز مصر:

أن أعداء الإسلام يفتعلون الأحداث، ويستغلون الذرائع –مهما كانت صغيرة- ليتدخلوا في شؤون الدولة المسلمة، ولو أدى ذلك إلى احتلالها، ومن هذه الذرائع: حماية الرعايا الأجانب، أوضمان حقوق الأقليات!، أوضمان حقوق المرأة!، وهكذا .. 

العبرة الرابعة عشرة من احتلال الإنجليز مصر:

أن الأعداء يحرصون جداً تجاه الدولة المسلمة التي يريدون الضغط عليها أو التحرش بها أن ينشروا بين أبنائها –بواسطة عملائهم- فكرين خبيثين هما: فكر التهييج والثورة، وفكر العصرنة والتميع. 

بالفكر الأول : تُتاح لهم فرصة التدخل في شؤون الدولة المسلمة.

وبالفكر الثاني: يضمنوا مسخ عقول أبناء المسلمين وترويضهم نفسياً لقبول التغريب .

فعلى سبيل المثال: من يشكك في مبدأ الولاء والبراء ، كيف يرجى منه أن لا يتعاون مع الكافر أو يتخذه أخاً يحقق له مصالحه ولو على حساب دينه وبلده ، وهو قد أزال الحاجز الإيماني الذي يصونه عن ذلك ؟!

فلتحرص الدولة المسلمة على اجتثاث هذين الفكرين الخبيثين قبل أن يتغلغلا في عقول بعض أبنائها ممن يكونون سلاحاً بيد عدوها ضدها.

ويكون ذلك بالحزم مع من يحمل أياً منهما، وعدم تصديرهم في وسائل الإعلام والتأثير، فإن التهاون في مثل هذه الأمر – تحت أي مسوغ - قد يُكلف الكثير لاحقاً.

أرى خلل الرماد وميض نار *** ويوشك أن يكون لها ضرام

فإن لم يُطفها عقلاء قـوم *** يكون وقودها جثث وهام

فإن النار بالعودين تذكى *** وإن الحرب أولهـا كـلام

العبرة الخامسة عشرة من احتلال الإنجليز مصر:

 أن الأعداء يفرحون كثيراً بتلقي أبناء المسلمين العلوم عندهم، لاسيما أبناء الذوات ممن هم مهيؤون لتولي المناصب المهمة إذا ما عادوا إلى بلادهم ؛ لأنها تعلم أنهم سيتأثرون –عرضاً أو قصداً- بثقافتها ، وسيكونون خير ناقل لها إلى بلاد المسلمين؛ كما رأينا ذلك واضحاً في حياة سعيد باشا والخديو إسماعيل اللذين تربيا في بلاد الغرب ، ثم أرادا محاكاتها لما توليا الحكم . فلتحرص الدولة المسلمة على أن يكون تلقي أبنائها للعلوم داخل أرضها؛ دون حاجة إلى البعثات الدراسية الخارجية إلا في حالة اضطرارية محدودة ؛كما في التخصصات الدنيوية النادرة مثلاً، مع تحصين المبتعث ضد الأفكار الغربية الضارة. 

العبرة السادسة عشرة من احتلال الإنجليز مصر:

أن الأعداء لن يعدموا أن يجدوا من المسلمين أفراداً مغفلين أو طامحين يخدمونهم من حيث لا يشعرون، ممن يصدق فيهم قول الشاعر :

إذا لم يكن للمرء في دولة امرئ *** نصيب ولاحظٌ تمـنى زوالـها

ولو كان ذلك على حساب دينهم وبلدهم -كما فعل عرابي في مصر- وسيلجأ الأعداء للاتصال بهم، والاهتمام بقضيتهم، وتشجيعهم على المضي في معارضة الدولة المسلمة تحت مسمى "الإصلاح!". وهدفهم من هذا كله ليس حباً في هؤلاء الإصلاحيين –زعموا- إنما ضربهم بالدولة المسلمة، لتفريق أهلها، وزرع الفتن والشقاق بين الراعي والرعية؛ حتى يلجأ كلٌ منهم –خاضعاً مطيعاً- إلى العدو لحمايته من الآخر!! وقد تقع البلاد بعدها –لا قدر الله- في احتلال أجنبي بغيض بعد أن استغل هذا النـزاع والتفرق –كما حدث في مصر- حيث لجأ الخديو توفيق للإنجليز في الوقت الذي كانوا فيه يُهيجون عرابي ومن معه عليه !

فلتأخذ الدولة المسلمة على أيدي هؤلاء المعارضين الطامحين أو المغفلين من مدعي الإصلاح قبل أن يتعاظم شرهم فيوقعوا بلاد الإسلام فيما لا تُحمد عقباه؛ كما قال تعالى: (ألم تر إلى الذين بدلوا نعمة الله كفراً وأحلوا قومهم دار البوار). وقال : ( وكان في المدينة تسعة رهط يُفسدون في الأرض ولا يُصلحون ) .

وجرمٌ جره سفـهاء قوم *** فحل بغير صاحبه العقاب

العبرة السابعة عشرة من احتلال الإنجليز مصر:

أن تبادر الدولة المسلمة بالإصلاح الحقيقي النافع القائم على كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم قبل أن تجد غيرها قد سبقها إلى طرح إصلاح مزعوم لا يرضي الله ولا رسوله صلى الله عليه وسلم. بل يرضي أعداء الإسلام الذين ينفخون فيه وفي أهله لمآربهم - كما سبق - .

والإصلاح الحقيقي هو الذي يكون غايته وهدفه الأول تعبيد الناس لرب العالمين وتحقيق التوحيد؛ عن طريق كل ما يساهم في ذلك من وسائل ؛ كالاهتمام بأمر العقيدة والدعوة إليها ، وإزالة ما يُخالفها .

وهو الإصلاح الذي ينشر الفضيلة بين المسلمين ، ويدعم أسبابها ومنافذها . ويُحارب الرذيلة ويُضيق على أهلها .

وهو الإصلاح الذي ينشر العدل بين الناس ، ويباعد بين الدولة المسلمة وبين ظلم الرعية، فيؤمن احتياجات المسلمين ، ويوفر لهم أسباب العيش الكريم دون أن يحوجهم إلى الآخرين . عن طريق إقامة المشاريع النافعة التي تتبناها الدولة ؛ كإقامة المجمعات السكنية لذوي الدخل المحدود ، وتشغيل العاطلين ، وإعطاء العاملين والموظفين الرواتب المجزية التي تتناسب مع حال المعيشة ... الخ

وهو الإصلاح الذي يحقق للمرأة المسلمة بيئة العلم النافع ، والعمل الكريم – إذا احتاجت إليه - بعيدًا عن كل ما يخالف شرع الله .

وهو الإصلاح الذي ينهض بالبلاد – دنيويًا - في مجالات التقنية والصناعة والزراعة .. وغيرها ؛ عن طريق تشجيع العقول والنوابغ ، وتسهيل أمورهم ، وإعطائهم الثقة ، ووضعهم في المكان المناسب ، وتنفيذ مخترعاتهم وأفكارهم .. الخ.

العبرة الثامنة عشرة ( الأخيرة ) من احتلال الإنجليز مصر :

أن تعلم الدولة المسلمة أن خير منجى لها من مكر الأعداء وفتنهم هو الاعتصام بالكتاب والسنة ، والثبات على دين الله ، وعدم المساومة أو التنازل عنه ولو بالقليل . قال تعالى : (وإن تصبروا وتتقوا لا يضركم كيدهم شيئا ) . وقال محذرًا من مداهنة الأعداء : ( يا أيها الذين آمنوا إن تطيعوا الذين كفروا يردوكم على أعقابكم فتنقلبوا خاسرين ) .

أسأل الله العظيم أن ينفع بما كتبتُ ، وأن يوفق بلاد المسلمين عامة وبلادنا خاصة للتنبه لكيد أعدائها ، ويثبتها على الحق ، ويصرف عنها الشر وأسبابه . والله أعلم ، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين .

ليست هناك تعليقات:

يتم التشغيل بواسطة Blogger.