الاحتلال الإنجليزي لمصر,معلومات عن الاحتلال الإنجليزي لمصر

الاحتلال الإنجليزي لمصر
الاحتلال الإنجليزي لمصر
الاحتلال الإنجليزي لمصر
بعد وقوع مصر في قبضة الاحتلال الإنجليزي زادت وتيرة التحديث نتيجة لإدماج مصر بالكامل في السوق الرأسمالي العالَمي، فأنشئت شبكة ترام القاهرة في 1896 الذي قام بربط أحياء القاهرة بعضها ببعض وسهَّل الانتقال من مكان إلى آخر فكثرت المسارح وصالات الرقص والغناء، كما ازداد عدد الجمعيات الأدبية والعلمية والدينية ومنها الجمعية الطبية المصرية، والجمعية الزراعية، وجمعية شمس الإسلام في 1898، وفي 1904 تشكلت جمعية إحياء العلوم العربية، وتأسس نادي طلبة المدارس العليا سنة 1906 وجمعية "زهرة الآداب" في 1909 وجمعية الشبان المسيحيين في 1910 ونادي العمال 1912، وهكذا توالى ظهور مثل هذه الجمعيات والأندية وكانت تُلقَى فيها المحاضرات الأدبية والعلمية والدينية وتُنشَد فيها القصائد( 1 ).

وقد وُضع حجر الأساس لدار الآثار المصرية (المتحف المصري) في 1897 وتم افتتاحها في 1902، وفي نفس العام تم بناء دار الكتب ودار الآثار العربية (المتحف الإسلامي) بباب الخلق.

كما تم فتح باب النقاش في ما يخص حقوق المرأة وتحرُّرها مع صدور كتاب تحرير المرأة لقاسم أمين في 1899، فشغل الرأي العامَّ لمدة طويلة.

أتاح الترام لسكان العاصمة فرصة السهر خارج المنازل إلى ساعة متأخرة من الليل، ولم يكُن هذا مألوفًا من قبل، فأقبل الشباب على ارتياد المسارح وصالات الرقص والسينما.

ومن المسارح التي عُرفت في 1896 المسرح العربي لأبي خليل القباني بشارع عبد العزيز، ودار التمثيل العربي لسلامة حجازي بشارع الباب البحري لحديقة الأزبكية، ومسرح مصر العربي لإسكندر فرح، والمسرح العباسي، كما وفدت إلى مصر فرق من الشام منها في 1896 فرقة نقولا مصابني المسرحية، كما تألف عديد من الفرق منها فرقة "السرور" لميخائيل جرجس في 1896 التي قام الملحّن الفذّ سيد درويش بتمثيل العديد من الأدوار معها، وفي 1898 ألّف سليمان قرداحي فرقة مسرحية وضمّ إليه المطربة ملك سرور، والممثلة لبيبة مللي.

وبعد أن مدّت شركة الترام خط الساحل بدأ بعض المسارح ينتقل إلى روض الفرج صيفًا، ومع نشاط الحركة المسرحية نشطت بجانبها حركة التأليف للمسرح والترجمة والتمصير، ومن أشهر مسرحيات هذا العصر "العنا والقهر في دخول نابليون مصر" لعبد الله فكري، و"غانية الأندلس" لخليل كامل، و"عواقب الطيش" لحليم حلمي، و"الفتاة الشركسية" لزكريا نامق.

ومن الأسماء التي اقترنت بحركة الترجمة والتعريب بديع عزوز، ومحمود مسعود، وخليل نقاش، وميخائيل فرج، وديمتري نقولا، ونجيب حداد، كما نشطت حركة النقد، خصوصًا أن عديدًا من الفرق اتُّهم بتقديم عروض هزلية تدور حول الحب ومغامرات العشاق وتنتهي برقص مبتذَل.

وقد أدَّى وقوع مصر تحت الاحتلال إلى خلق مناخ مقاوم عكس نفسه في عدة صور فنية وثقافية وفكرية، وكان التمثيل المسرحي إحدى أدواته، وقد تَصَدَّت سلطات الاحتلال لهذه العروض بإصدار لائحة التياترات في 1907 - 1911، التي وضعت بمقتضاها المسارح تحت رقابة الشرطة وخوّلت اللائحة لرجال الشرطة حقَّ إغلاق المسرح إذا عُرض فيه ما يخالف النظام العامَّ والآداب.

وكما نشطت المسارح كثرت صالات الغناء، ومن أشهر المغنين عبده الحامولي (توُفِّي في 1901) والشيخ سلامة حجازي (تُوُفِّي في 1917)، ويوسف المنيلاوي، وصالح عبد الحي، ومحمد عثمان، وملك سرور، وصالح العربي، ومريم مراد، والعظيم سيد درويش الذي جاء للعمل بتياترات القاهرة، وقد قام بدور كبير في تطوير الموسيقى المصرية وابتداع الأوبريت كشكل غنائي جديد.

وكان نتيجة هذا الزخم الموسيقي أن أُلِّفَ عديد من الكتب عن الموسيقى والغناء، أهمها:

· "الموسيقى الشرقي" لكامل الخلعي في 1899.

· "نزهة الزمان عن ألحان عبده الحامولي ومحمد عثمان" في 1901.

· "مطرب الأكامل وتلحين الأفاضل" لحسن فريد (جمع فيه أحسن الأغاني المصرية) 1901.

· "الموسيقى والغناء" لنقولا رزق شحاتة (شرح القواعد الصوتية والقوانين والعلامات الموسيقية والأدوار الشجية لتمرين الطلاب على الترتيل والتلحين الموسيقي) 1901.

· "نَيل الأرب في موسقى الإفرنج والعرب"، أحمد أمين الديك 1902.

· "المغنى المصري" لمحمود حمدي البولاقي (يتضمن كثيرًا من الأدوار والألحان مع بيان نغماتها وشرح قواعد فن الموسيقى) 1903( 2 ).

ونتيجة لِمَا وصلت له الموسيقى والغناء من مكانة لدى الغالبية العظمى من الشعب، تم افتتاح معهد الموسيقى الشرقية في 1929، وفي 1932 نظمت مصر المؤتمر الموسيقي الأول برعاية الملك فؤاد، وقد شارك فيه فنانون من مصر والشام وتركيا وشمال إفريقيا وأوربا وكان من الأحداث العظيمة التي احتفَت بها مصر والعالم.

وأسهم افتتاح الجامعة المصرية في 1907 في إنضاج الإنتاج الفكري والفلسفي والعلمي، وفي تغذية الحركة الوطنية المطالبة بالاستقلال.

وبشكل عامٍّ تميزت الفترة من أواخر القرن التاسع عشر حتى منتصف القرن العشرين قبل استيلاء الضباط الأحرار على السلطة بمساحة من الحرية في الكتابة والتمثيل والصحافة والأغاني والأدب الشعبي حتى إن بعض الفنون الصحفية الشعبية المصرية كالمجلات الفكاهية والوطنية (الخلاعة - الصاعقة - الدنيا الجديدة - الديك - الأرغول - إلخ) قد اندثر الآن. وفي تلك الأجواء تربى أهم وأشهر مبدعي مصر ابتداءً من سيد درويش وسلامة حجازي والسنباطي والقصبجي وأم كلثوم في الموسيقى والغناء، إلى طه حسين ولويس عوض ونجيب محفوظ في الفكر والأدب، إضافة إلى جوقة من أهم المخرجين والممثلين والممثلات في مجال المسرح والسنيما. وهذا لا يعني أن هذا العصر قد خلا من منغصات الرقابة والمصادرة، فقد صدر أول قرار مصادرة لمصادرة كتاب "ديانة الشرقيين" سنة 1823 بناءً على ما نقله قنصل إنجلترا سولت إلى محمد علي من أن الكتاب يدعو إلى الإلحاد والطعن في الدين الإسلامي، وبمقتضى هذا القرار حظر على الأوربيين -دون المصريين- طبع أي كتاب في مطبعة بولاق إلا إذا استصدر مؤلفُه إذنًا خاصًّا بطبعه من الباشا( 3 ). وهناك كتاب "الإسلام وأصول الحكم" الصادر في أبريل سنة 1925 الذي كتبه الشيخ علي عبد الرازق، والذي صودر في أثناء حكم الملك فؤاد لأسباب سياسية، حيث طمح الملك فؤاد إلى خلافة المسلمين بعد سقوط الخلافة العثمانية على يد أتاتورك في 1924، بينما ذكر الشيخ علي أن الخلافة ليست نظامًا دينيًّا أقرَّه القرآن، وفي 1926 صدر كتاب "في الشعر الجاهلي" للدكتور طه حسين وتمت مصادرته واتُّهم طه حسين بالطعن في القرآن الكريم.

المصادر
[1] ترام القاهرة - محمد سيد كيلانى
[2] المرجع السابق
[3] من تقرير حول حرية الفكر والإبداع 2009 -مؤسسة حرية الفكر والتعبير

ليست هناك تعليقات:

يتم التشغيل بواسطة Blogger.