اخطاء الاطباء,التطبيب والاخطاء

اخطاء الاطباء
اخطاء الاطباء

المقدمة عن اخطاء الاطباء

التطبيب مهنة فريدةٌ ورائدة في تعاملها المباشر مع جسد الإنسان، الروح والمشاعر دون وسيط، وعليه ومن البديهي أن يُفتَرَض في الطبيب التميز بخصال وصفات متعددة ومتميزة، حيث أن المريض يتعرى تماماً من جملة الأحاسيس الذاتية ومن السواتر الخارجية أمام الطبيب، كاشفٌ عن دواخل نفسه ومكنوناته وعن غطاء جسده وحواجزها دون تحفظ ولا مواربة.

وحول هذا، ذكر إسحق بن علي الرهاوي في كتابه "أدب الطبيب" في القرن الرابع الهجري:

" إن صناعة الطب هي أشرف الصنائع، والعلم بها أقدم العلوم، ويجب أن تتقدم في المرتبة على سائر الصنائع والمهن..."

كما جاء عن محمود بن سعود بن مصلح الفارسي )710هـ) عن خصوصية مهنة التطبيب أيضاً، ومن أنها هبة ربانية بالغة التشريف " إن علم الطب أشرف العلوم بعد العلم الإلهي، لأن موضوعه بدن الإنسان....". فهي المهنة العسيرة والمستحيلة إلا لمن حُظي وأُنعِمَ بها، وليس لكل راغِبٍ فيها منال، وهي باتفاق الأقدمين واللاحقين منحة من آلاء الله تعالى، وهي علم من العلوم الربـانية أو القريبة منها أو على القـرب منه.

قال أبو الطب، أبـو قراط ) ابن إقليدس بن أبقراط الذي ولد بجزيرة كوس حوالي سنة 460 قبل الميلاد(، "لا يمكن في هذا العِلم أن يدركه عقل إنسان"

لقد تطورت وارتقت المجالات التقنية والعلمية ذات العلاقة بالطب ومهنة التـَطـبيب إبان فترة وجيزة من الزمان بخطوات واسعة عبر مراحلٍ متتاليةٍ وسريعةٍ إلى الأمام، إذ استُحدثت الوسائل والأجهزة المُعَقَدة المُسَاعدة في التشخيص والعلاج. وعلى الوجه الآخر، اجتاحت بيئة الإنسان العديد من الأمراض والعِلًل المُعاصرة المجهولة الأسباب، ما لبثت وأن شَكٌَلت تحدياً كبيراً وخطيراً، سواء في التشخيص أو في توافر العلاج الفَعٌال لدرء شرها... ويبقى العامل البشري، بخصوصيته وبصفاته المتنوعة وتميزها، وبأحاسيسه الإنسانية الخاصة والمرهفة، يُجَسد العنصر الأهم والمستوجب لأقصي درجات الإنتباهه. وقد يكون الإنسان المداوي المُعالج في بعض من الحالات، بالخطأ المباشر أو بالنسيان أو الإهمال، السبب الرئيس والمباشر في مِـحـنة وابـتـلاءات المشـاكل الطبية.
مفهوم الخطأ الطبي
يُعرّف شرف الدين محمود في كتابه "المسؤولية التقصيرية للأطباء" الخطأ الطبي "بأنه انحراف الطبيب عن السلوك الطبي العادي والمألوف، وما يقتضيه من يقظةٍ وتبصّر إلى درجة يُهمل معها الاهتمام بمريضه"،

أو هو "إخلال الطبيب بالواجبات الخاصة التي تفرضها عليه مهنته، وهو ما يسمى بالالتزام التعاقدي".

ويتبيّن لنا من خلال التعريفين السابقين أن الخطأ الطبي يقوم على توافر مجموعة من العناصر، تتمثل بعدم مراعاة الأصول والقواعد العلمية المتعارف عليها في علم الطب، والإخلال بواجبات الحيطة والحذر، إغفال بذل العناية التي كان باستطاعة الطبيب فعلها.

خطأ الطبيب لا يقارن

فالخطأ والنسيان والهفوات من صفات البشر قد يستصعب تفاديها أو البراءة منها لغير المعصوم من الخطأ. في حديث أبي داود "كل ابن آدم خطاء.. وخير الخطاءين التوابون، ويروى عن المسيح أن بغياً جاءت إليه، فجعل أصحابه ينظرون إليها باشمئزاز فقال: "من كان منكم بلا خطيئة فليرمها بحجر"،

لكن خطأ الطبيب لا يقارن بأي خطأ آخر من البشر لما يعقبه من عواقب وخيمة على المريض وأهله فلابد من أن يتخذ الطبيب لنفسه غايةً في ممارسته لمهنته، وهي واجب المحافظة على الحياة الإنسانية والدفاع عنها، ولا ينبغي أن يكون دافعُه الرئيسي من ممارسة الطب تحقيقَ المنفعة الشخصية أو الكسب الماديّ

تقسيمات الخطأ الطبي

فيُجمع معظم الفقهاء القانونيين على وجود قسمين (يذكرهما محمد الشلش في دراسته "أخطاء الأطباء بين الفقه والقانون"، مجلة جامعة القدس المفتوحة، عدد 9، شباط 2007، ص (350) وهما:

الأول: الخطأ الفني، وهو الخطأ الذي يصدر عن الطبيب، ويتعلّق بأعمال مهنته، ويتوجّب لإثبات مسؤوليته عنه أن يكون الخطأ جسيماً. ومن الأمثلة عليه: عدم الالتزام بالتحاليل الطبية، والخطأ في نقل الدم، وإصابة المريض لسوء استخدام الآلات والأجهزة الطبية، وإحداث عاهة، فضلاً عن التسبّب في تلف عضو، أو تفاقم علّة.

الثاني: الخطأ العادي، ومردّه إلى الإخلال بواجبات الحيطة والحذر العامة التي ينبغي أن يلتزم بها الناس كافة، ومنهم الطبيب في نطاق مهنته باعتباره يلتزم بهذه الواجبات العامة قبل أن يلتزم بالقواعد العلمية أو الفنية لمهنته. ومثاله أن يجري الطبيب عملية جراحية وهو سكران

أسباب الأخطاء الطبية:

قد تنجم واقعة الخطأ الطبي من مُسَببات منها الجهل، النسيان والإهمال، الخطأ غير المقصود وذلك المُتَعمد المَقصود، وحول كل منها يذكر الآتي:

(1) الجهل: ويعني مَنقَصة الطبيب بمواضع الخبرة ومحدودية المعرفة، حيث أن انتقاص العلم والمعارف وانعدام المواكبة للمحدثات في عالم الطب والتطبيب،

(2) تعكس تضاؤل الخبرات وفقدان سمات التصريف الأنسب مما يتسبب في واقعة الخطأ. إن كان يجهل كيفية تشخيصه أو طريقة معالجته.

(2)النسيان والإهمال: من وحي سُنة المصطفي رسول الله الأكرم (صلعم) والقائل "من أراد منكم أن يعمل عملاً فليتقنه"، كذلك فإن الإهمال وعدم الدقة عند إنجاز العمل منبوذان بشكل عام، إلا أنهما في عالم الطب يعتبران عاملان خطيران ويتسببان في عدم استقصاء المعلومة الطبية الصحيحة والفحص المتأني للمريض والتخبط والعشوائية في العمل مع عدم الحرص في استخدام الوسائل الأنسب للتشخيص، وفي جملتها تؤدي دون شَك إلى اتخاذ القرارات الصحية الخاطئة وبالتالي العلاج الخاطئ، مما يؤدي إلى تزامن الإمراض دون الإشفاء

المتسببين في الخطأ الطبي:

الطبيب ثم الطبيب ثم الطبيب ثم الطبيب الطبيب الطبيب الطبيب
  • المريض 
  • البيئة: - التمريض 
  • حجرة العمليات (الكشف) 
  • توفر الأجهزة 
  • توفر الأدوية 

أسباب حدوث الأخطاء الطبية

بالنسبة الطبيب:
  • سوء في التعليم 
  • نقص في الخبرة 
  • عدم الاهتمام والتركيز واللامبالاة 
  • عدم التأني والسرعة 
  • عدم الاستماع إلى المريض 
  • الكشف الغير دقيق 
  • عدم الاستعانة أو استشارة او عدم تحويل المريض الآخرين (العمل الطبي هو عمل فريق) 
  • عدم التقدير من قبل الجهات المسئولة عن توظيف الأطباء وضعف في الرواتب والحوافز 
  • طول ساعات العمل ألقت دراسة أعدتها جامعة هارفارد الضوء على الأخطاء التي يرتكبها الأطباء المتدربون أثناء نوبات العمل الطويلة في الولايات المتحدة .وتقضي اللوائح الجديدة بأن لا يتعامل الأطباء الجدد مع المرضى مباشرة لمدة تزيد عن 24 ساعة ووجد الأطباء أن أخطاء المتدربين خلال ساعات المناوبة الطويلة ارتفعت خمس مرات، ارتكبوا خلالها 36 في المائة من جميع الأخطاء الطبية. 
  • الإيمان الضعيف وعدم وجود الدافع الديني 

انواع الأخطاء الطبية 

1. الخطأ الغير مقصود: على الرغم من اليقين بأن كل إنجازٍ أو عَمَلٍ لإنسانٍ قد يكون مصحوباً بهـَنـَةٍ من خطأ غير مقصود، ولا يُبرأ منها إلا مَعصوم كامل، إلا أنه ينبغي على الطبيب عند مواجهه الحالات المعروضة عليه، وعلى وجه الخصوص تلك المُستَصعبةِ المُعـَقـدة منها، بالاستفسار و الفحص أو تقرير التشخيص، اتخاذ الحرص واليقظة الدائمين منهجاً دون تساهل، فضلاً عن التزام الحِيطةِ

2. الخطأ المًقصود أو المُتَعمد: وهذا يحدث مع الأسف عندما يجب أن ألاّ يوجهَ الطبيب إمكاناته وخبراته للأذى أو التدمير، أو إلحاق الضرر البدنيّ أو النفسيّ بالإنسان، فرُوي عن أبي صِرْمة أن رسول الله ـ صلى الله عليه واله وسلم ـ قال: "من ضارّ مسلمًا ضارّه الله". و يحسب هذا العمل المقصود من الطبيب لإيذاء المريض وإهلاكه جرم كبير وخيانة عظمي و هي كذلك جريمة جنائية يعاقب عليها القانون، ولا مناص من العقوبة الدنيوية عليها بالحرمان من مزاولة المهنة بسحب الترخيص، إضافةً علي العقاب الجنائي المدني، مترتباً عليها وصمات العار والانحطاط، وحساب الله عليها أشد وأعدل،

فقد قال الحق سبحانه: (فلا تَتَّبِعوا الهوَى أن تَعْدِلوا وإن تَلْوُوا أو تُعرِضوا فإن اللهَ كان بما تعملون خبيرًا ) وعليه أن يقوم الطبيب بتقديم خدماته لعلاج العدو كما يعالج الصديق، فليس له أن يغيِّر من طريقة علاجه مع أعدائه، قال تعالى: "ولا يَجْرِمَنَّكم شَنَآنٌ قومٍ على ألاّ تَعدِلوا اعدِلوا هو أقرَبُ للتقوى"

نوع آخر من الأخطاء وهو:

الخطأ بسبب التعرض لحقوق المريض:
تنشأ بسبب جهل الطبيب بالمبادئ الأساسية التي تربط العلاقة بينه وبين المريض ومنها على سبيل المثال لا الحصر:
  1.  إفشاء أسرار المريض سواء المرضية أو الأسرار الشخصية مما يؤدي الي الكثير من المشاكل سواء كانت للمريض أو لأقاربه. إن كتمان السر يعتبر من ابدهيات العمل الطبي فضلاً عن إن الله سبحانه وتعالى يأمرنا بالستر. 
  2. عدم الالتزام بالمعايير المهنية في التعامل مع المريض 
  3. كالاحترام واللطف وأن يكون حنوناً ورحيماً في تعامله وأن يتجنب النظرة الدونية أو الاستهزاء أو السخرية مهما كان مستوى المريض العلمي أو الأدبي أو الاجتماعي. 
  4. عدم احترام خصوصية جسد المريض: على الطبيب المحافظة على احترام جسد المريض وخصوصاً أماكن العورة ولا يجب الإسراف في تعرية الأجزاء الغير معنية. 
  5. عدم تقديم الرعاية الطبية لمرضى الأمراض المعدية: على الطبيب الاستمرار في تقديم خدماته الطبية لجميع المرضى سواءً المصابين بأمراض غير معدية أو تلك المعدية حتى اللحظات الأخيرة من حياتهم. 
  6. تقديم الخدمات الطبية دون رضا المريض: لا يسمح للطبيب تقديم خدماته أو معالجة المريض دون رضاه ما عدا في الحالات الطارئة والعمليات المستعجلة ولا يجوز فرض العلاج على المريض وأن لا يرغم على توقيع أية بيانات لا تتماشى مع حالته الصحية والمرضية. 

مسئولية الطبيب:

المسؤولية الطبية هي مسؤولية الطبيب عن الضرر الناجم عن خطأ يرتكبه نتيجة أسباب سواء توقع النتيجة وظن أن بإمكانه اجتنابها فقبل بالمخاطرة أم أنه لم يكن قد توقع وكان في استطاعته أو من واجبه توقعها
إن مجلس مجمع الفقه الإسلامي الدولي التابع لمنظمة المؤتمر الإسلامي المنعقد في دورته الخامسة عشرة بسلطنة عُمان في 2004 ، قد قرر "أن يكون الطبيب ضامناً إذا ترتب عمله ضرر بالمريض في عدة حالات منها:
  • إذا تعمد إحداث الضرر 
  • إذا كان جاهلاً بالطب، أو بالفرع الذي أقدم على العمل الطبي فيه 
  •  إذا كان غير مأذون له من قبل الجهة الرسمية المختصة 
  •  إذا أقدم على العمل دون إذن المريض أو مَن يقوم مقامه 
  • إذا غرر بالمريض 
  • إذا ارتكب خطأ لا يقع فيه أمثاله ولا تقره أصول المهنة، 
  • إذا وقع منه إهمال أو تقصير 
  • إذا عندما افشي سر المريض بدون مقتضى معتبر 
  • إذا امتنع عن أداء الواجب الطبي في الحالات الإسعافية. 
هذا ويكون الطبيب مسئولا جزائياً في الحالات السابق ذكرها إذا توافرت شروط المسؤولية الجزائية فيما عدا حالة الخطأ فلا يُسأل جزائياً إلا إذا كان الخطأ جسيماً.

العوامل المساندة لظاهره الخطأ الطبي:

  1. غياب إحصائيات دقيقة في غياب إحصائيات دقيقة عن عدد الأخطاء الطبية وعن حجم الأضرار الناجمة عنها وعن مصير الضحايا 
  2. غياب الرقابة من قبل وزارة الصحة ونقابة الأطباء على هذه المؤسسات الصحية 
  3. غياب التدقيق في مؤهلات الأطباء الجدد، ومدى قدرتهم على ممارسة مهنة الطب". يشكل السبب الرئيس لتفشي الأخطاء الطبية و يفاقم الأخطاء الطبية، فضلاً عن 
  4. الجشع الذى يقع في بعض المصحات الخصوصية والبحث عن الأموال وامتصاص جيوب المرضى وأهلهم، حتى أنه ذكر في أحد المقالات أن الأخطاء الطبية في المشافي الخاصة: جرائم بلا أدلة 

نسبه الأخطاء الطبية

أن الأخطاء الطبية موجودة في جميع دول العالم و نسبها تختلف من دولة لأخرى بحسب جودة الخدمة الطبية والرقابة عليها إذ تقل نسبها كلما ارتقت الجودة وزادت الرقابة
ذكرت المديرة العامة لمنظمة الصحة العالمية الدكتورة مارغريت تشان "أن الأخطاء المرتبطة بالرعاية الصحية تصيب مريضاً واحداً من كل 10 مرضى في جميع أنحاء العالم".
في الأردن أشارت الإحصائيات أن ضحايا الأخطاء الطبية «60» أردنيا في السنة وأن السبب في ارتفاع هذا الرقم يعود لعدم وجود تشريعات تحاسب الأطباء.
كما بينت الدراسات الدولية أنه من بين كل 1000 عملية جراحية، ينسى الأطباء أدوات في داخل جسم المريض في 18 عملية منها. وكذلك فأن من بين كل 100 ألف عملية جراحية، تجري عملية جراحية واحدة في العضو الخطأ من جسم المريض.

وفي إسرائيل يموت أسبوعياً 60 شخص بسبب الأخطاء الطبية.

وإن 8% من المرضى الذين يمكثون في المستشفيات يتعرضون لحوادث غير عادية أثناء تلقي العلاج وليس بسبب المرض نفسه.

كما بينت الدراسة أن احتمال حصول خطأ طبي أو حدث غير عادي يرتفع عندما يكون المريض فوق سن 64 عاماً، أو المريض في وحدات العلاج المكثف، أو من هم بحاجة إلى علاج داخلي بواسطة أدوات، أو في حالة المكوث ساعات أطول في فترة العلاج، أو نقص في خبرة الطاقم الطبي.

في بريطانيا ثلاثين ألف شخص يتوفون سنويا بسبب أخطاء طبية.. وفي أمريكا يصل العدد إلى مائة ألف شخص يتوفون نتيجة أخطاء طبية يمكن تفاديها. و20 % من المرضى يعانون من أخطاء طبية في أقسام العناية المركزة ..تخيل كل ذلك يحدث في دول المفترض انها متقدمة طبيا

وبحسب التقديرات فإن نسبة الخطأ في تقديم العلاجات الطبية تصل في الولايات المتحدة إلى 4%، وفي إسرائيل وكندا تصل إلى 8%، وفي الدانمرك 9%، أما في بريطانيا والنمسا واليابان فتصل إلى 11%.

ففي الولايات المتحدة نجد أن الأخطاء تمثل 90 في المائة من القضايا المنظورة في هذا الصدد أمام القضاء

أشارت آخر الإحصاءات الصادرة عن وزارة الصحة السعودية، إلى أن عدد القضايا التي عرضت على اللجان الطبية الشرعية عام 2004 ـ 2005، بلغت 896 قضية، إذ صدرت قرارات إدانة في 428 قضية منها، وإدانة 299 طبيبا من أصل 848 طبيبا مدعى عليهم، أي ما يعادل 35 في المائة من عدد القضايا المنظورة أمام هذه اللجان.

الطائف: 100 قضية أخطاء طبية منظورة أمام القضاء

كشف محمد النمري، مدير الشؤون القانونية بالشؤون الصحية بمحافظة الطائف عن وجود 100 حالة خطأ طبي مرفوعة أمام القضاء حاليا، و42 قضية لم ترفع الى القضاء بعد، و16 قضية حق عام، إضافة إلى 7 قضايا صدرت فيها قرارات 4 منها صدرت فيها إدانة قضائية

ذكرمدير عام برنامج مستشفى قوى الأمن بالرياض إن نسبة حدوث الأخطاء الطبية من حجم العمليات الكبيرة التي تجرى في المملكة تصل إلى ما يقارب 5 ٪

أما في الإمارات فان نسبة الأخطاء الطبية داخل مستشفيات الإمارات 1.5% حسب تقرير مركز الإمارات للدراسات و الأعلام

تكلفة الخطأ الطبي:

اصدر معهد البحوث الطبية التابع لأكاديمية العلوم الأمريكية في عام‏2002 تقرير حول مشكلة الأخطاء الطبية ذكرفيه:

أن عدد الأمريكيين الذين يتوفون سنويا بسبب الأخطاء الطبية (‏98‏ ألفا) يتجاوز عدد الذين يتوفون نتيجة حوادث الطرق وسرطان الثدي والإيدز‏,‏ (حوالي‏1.5‏ مليون أمريكي سنويا), بينما يعاني بقية المليون ونصف من تدهور في الرعاية الصحية يعرضهم لتداعيات أخري أقلها المكوث بالمستشفي لفترات أطول‏,‏ ومن ناحية التكاليف قال التقرير أن هذه الأخطاء تتسبب في أعباء مالية إضافية تقدر بحوالي‏37.6‏ مليار دولار سنويا‏,‏ من بينها حوالي‏17‏ مليار بسبب أخطاء كان من الممكن تلافيها وعدم الوقوع فيها.

وفي دراسة أخري يشير احد مراكز الأبحاث في واشنطن إلى أن هذه الأخطاء تكلف حوالي 5,3 مليار دولار وفي إسرائيل تبلغ تكاليف المكوث في المستشفى نتيجة أخطاء طبية وحوادث غير عادية 660 مليون شيكل سنوياً (حوالي 163 مليون دولار).

أما في بريطانيا، تعتبر الأخطاء الطبية ثالث قاتل للمرضى بعد السرطان والسكتات القلبية، إذ إنها تفتك ب 40 ألف بريطاني كل عام، أي حوالي أربع مرات أكثر من أولئك الذين يموتون بسبب مختلف أنواع الحوادث. وتبلغ التكلفة الإجمالية لتلك الأخطاء 730 مليون جنيه إسترليني .

المخاطر والمضاعفات الناتجة من الأخطاء الطبية:

أضرار جسمية وأضرار نفسية و أضرار اقتصادية و أضرار معنوية 
تتفاوت مضاعفات الأخطاء الطبية بين البسيط منها والكبير:
فالبسيطة منها قد تتسبب في معاناة المريض وأما الكبيرة فقد تؤدي بحياة الإنسان أو تتسبب في مضاعفات وعاهات مستديمة.

كما وأن الخطأ في ذاته، قد يقع في مراحل مختلفة أيضاً، فهو قد يكون عند بداية التعامل مع المريض أو عند تشخيص المرض أو عند طلب الفحوصات التشخيصية الغير لازمه أو عند وصف الدواء أو في مراحل العلاج المختلفة.

الخطأ في التشخيص قد يتسبب في بقاء المرض سارياً مزمناً في جسم المريض كامناً من خلاياه شاخصا في أعضائه متمكنا من الانتشار في جميع أنحاء البدن، مما يؤدي إلى مضاعفات قد يَصعبُ عِلاجها لاحقا، أو يكون السبب في عِلة المريض بآلام مُزمِنَة، ونفسية متدهورة، تؤرق مضجعه وأسرته.

هناك العديد من الأمراض التي تحتاج إلى تشخيص و من ثم علاج فوري وفَعٌال، وفي حال عدم حدوث ذلك فقد تتطور العِلة إلى مرض مزمن يستصعب على الطبيب معالجته. أما في بعض أمراض الأعضاء الحساسة من بدن الإنسان فإن استخدام الأدوية الخاطئة قد يؤدي إلى تدهور الحالة اللارجعي وضمور الأعضاء وتلفها ومن ثم الوفاة.

أصحاب الحق لا يطالبون به

إن أعقد المشاكل التي تظهر في دعاوى مُساءلة الأطباء مدنياً عن أخطائهم المهنية هي مسألة الإثبات، و أن معظم المتضررين أو ذويهم لا يُقدمون على رفع دعاوى قضائية ضد من يعتبرونهم السبب في الخطأ الطبي، وتعزى أسباب ذلك إلى: ارتفاع تكلفة الخدمة القانونية، والتكهن المسبق الخاطئ بأن القضية ستخسر نتيجة الشك في أهلية ومصداقية نتائج الطب الشرعي، والصعوبة البالغة، بل والمستحيلة في إثبات الخطأ الطبي على الطبيب أو المشفى أو من كان له سبب في هذا الخطأ.

أمثلة على نتائج الخطأ الطبي

1-ومن الأخطاء الطبية المرتكبة في المشافي الأردنية اكتشاف أطباء قطعة قماش بطول نصف متر في بطن إحدى الحوامل التي أجريت لها عملية ولادة قيصرية في إحدى المستشفيات وبسبب استمرار معاناتها من آلام حادة في بطنها تم إدخالها إلى إحدى المستشفيات الخاصة ليكتشف الأطباء فيه بعد إجراء الفحوصات والصور الإشعاعية لها وجود جسم غريب.

2-مريضة ماتت بسبب نقص جهاز
خضعت مريضة لعملية استئصال مرارة وذلك بعد إقناعها بأن حالتها تستدعي الاستعجال في إجراء العملية، وأن المركز هو الوحيد في هذه المدينة القادر على إجراء ذلك. وأثناء إجراء العملية تبيّن أن المركز غير مؤهل لإجراء مثل هذا النوع من العمليات، ولم يتمكن الأطباء الموجودون في المركز من التعامل مع المضاعفات، فتم استدعاء طبيب من مشفى آخر، فوجئ فور وصوله بعدم تففّر جهاز تدليك للقلب. وبعد أن ساءت أوضاع المريضة، تم نقلها إلى مشفى آخر، حيث توفيت فيه.
4-انفجار دمّل بعد إدخال أنبوب إلى رئة مريض
بدء المريض يعاني من ضيق في التنفس وسعال، وعند عرضه على أكثر من طبيب اخبروه أنه يعاني من نزلة صدرية، وعند التوجه إلى المستشفى الأهلي وبعد عدة فحوصات أخبره الأطباء أن لديه كيس ماء على الرئة، مع وجود دمّل، وهو بحاجة إلى علاج وسيغادر المستشفى بعد يومين. وبعد ثلاثة أيام عمل الأطباء على إدخال أنبوب إلى رئة يوسف لإخراج الماء الموجود على الرئة، بدأ الأنبوب يمتص ماءً اصفر من رئة يوسف، واخبره الطبيب أن الأمور تسير في تحسّن وانه سيغادر المستشفى قريباً، إلا انه بقي في المستشفى عشرين يوماً، الأمر الذي حدا بوالد يوسف الطلب من الطبيب المشرف على علاج ابنه أن يفصح له عن مرض ابنه وان يصارحه بالموضوع حتى وإن كان مريضاً بالسرطان. في اليوم الحادي والعشرين قال الطبيب لوالد يوسف: "ابنك لم يبقَ له علاج عندنا، وعليك نقله إلى أي مشفى آخر"، فرد عليه والده: "لماذا لم تخبرني من البداية أنه لا يوجد علاج عندكم"، فكان رد الطبيب: "إننا عملنا المستحيل".
وتبين أن ما تم في الأهلي هو خطأ، بحيث أنه عند إدخال الأنبوب إلى الرئة تم تفجير الدمل وانتشر ما بداخله من مواد وفيروسات إلى كل أجزاء الرئة.

5-الطبيب مُصرّ على الجراحة وصورة الأشعة تقول عكس ذلك
سقطت المريضة وتوجهت إلى مختبر أشعة لتصوير ساقها، طلب منها فني المختبر التوجه إلى إحدى الأطباء المختصين بالعظام، وبمجرد أن شاهد هذا الطبيب الصور قال: "إنها تحتاج إلى عملية فورية لزرع جهاز، وذلك لإصابتها بأكثر من كسر في الحوض، وحدّد لها موعداً للعملية، لكن زوجها قرر عدم إجراء العملية لعدم توفر المال، ولأن الوضع الصحي لزوجته لم يسمح، في حين كان الطبيب مصمماً على إجرائها، توجهت إلى مركز آخر لتصوير الأشعة، حيث تبين أنها لا تعاني من كسر في الحوض، ولا تحتاج إلى أي عملية، ولو أجرتها لربما أصيبت بالشلل، أو أضرار لا يحمد عقباها وفق ما ذكر موظف الأشعة.

6-عانت من صداع وماتت في المشفى بسبب سوء التشخيص
دخلت مشفى (هـ. ح) بسبب صداع ليس بالشديد، بحيث أعطاها طبيب الطوارئ حقنة تخدير ودواءً مسكناً (diazepam) فدخلت في نوم عميق لمدة أربع ساعات، وبعدها نقلت إلى البيت في حالة دوخان شديد دون أن يعلل الطبيب مثل هذه الحالة سوى بأنها مجرد صداع، وسيختفي قريباً. في البيت لم تتحمل (س) شدة الألم، فنقلت إلى مشفى (ش. ز) فتوفيت بعد ساعة من وصولها، وفي يوم عيدها. خلال هذه الساعة أدخلت الفقيدة لغرفة الأشعة دون أن يسمح لزوجها أو أمها بالبقاء.وجاء في التقرير الطبي القضائي الصادر عن معهد الطب الشرعي أن سبب الوفاة هو هبوط حاد في التنفس والقلب ناتج عن مضاعفات استسقاء الدماغ الناتجة عن ورم حميد دماغي سبّب إغلاق مجرى السوائل الشوكية العصبية الرئيسية.

كيفية منع حدوث الخطأ الطبي

  • الواعز الديني 
  • التعليم المستمر 
  • أخلاقيات المهنة 
  • الخدمات المساندة للطبيب 
  • توفير البيئة الملازمة لعمل الطبيب 
  • تحسين الاجور 
  • التثقيف المجتمعي 
  • طبيب الأسرة 
وللحيلولة دون هذه الأخطاء، الجَسيمةَ منها والمُستَصغَرة، أو تقليصها، استوجب إتباع منهجية وأساليب متنوعة ومستمرة في التطوير، ابتداءً من التأهيل والتهيئة والتدريب للطبيب والكادر المساعد في المجال الطبي الي سقف مواكبة مُستَحدثَات مهنة التطبيب، وبالأخص الإعداد الأمثل للإنسان الطبيب أولاً وإتقان تأهيله لتحمل المسئوليات الجسيمة قبل أن يؤهل ويُشهَد له كطبيب مداوم. ومن هنا تُحسب تغذية وإشباع جُرعَات التهيئة والسمو في جوانب شخصية طالب الطب والاهتمام بجوانب سماحة الخلق وتنميتها، علي أن تعتبر من أهم أولويات الأساتذة المربين القائمين على التعليم الطبي كما لابد أن تكون في أرفع استراتيجيات الكليات الطبية ومعاهد العلوم الطبية المساندة.

فضلاً عن سِمات الطبيب في إتقان الممارسة وسمو العلم وصقل الخبرات والارتقاء بها، فأنه من اللازم الجازم أن يزدان الطبيب بسماحة الخُلق وأكرم الصِفَات، فلن تَستَعوض التكنولوجيات ومستحدثات التقانة وحسن التهيئة لمواقع التطبيب أبداً، عن الحس الإنساني لدى الطبيب المُمَارض، حيث أنه بأحاسيسه وإنسانيته المرهفة وخبراته الطويلة ومعارفه ببواطن المرض يتمكن من توجيه وقيادة تلك التكنولوجيا ومُستحدث الوسائل لإشفاء المرضى وإبراء مواضع العِلل

يقول الفقيه ابنُ الحاج المالكيّ، الذي عدَّد بعضًا من هذه الآداب:
"أن يكون الطبيب خالص النية في عمله لله ـ تعالى ـ حتى يكون عمله من أعظم العبادات

هذا و يقترح أ.د. عمر حسن قاصولي وكيل كلية الطب لشئون الدراسات العليا والأبحاث في الجامعة الإسلامية العالمية بماليزيا بأن تعتمد نظرية الأخلاقيات الطبية في الإسلام على مقاصد الشريعة الخمس، والتي تعتبر أيضا مقاصد الطب.

وهذه المقاصد الخمس هي: حفظ الدين، حفظ النفس، حفظ النسل، حفظ العقل، وحفظ المال.

وأيّ عمل طبي يجب أن يحقق هذه المقاصد حتى نعتبره أخلاقيا،ويعتبر أي إجراء طبي يخرق أيّا من هذه المقاصد إجراء غير أخلاقي, كما يقترح -أيضا- أن تستمد القواعد الأخلاقية الأساسية في الإسلام المتعلقة بممارسة الطب من قواعد الإسلام و الشريعة, فالشريعة الإسلامية تعتمد على نظام كامل من الأخلاقيات, مما يجعلها قادرة على التعامل مع كل المشكلات الطبية الأخلاقية من وجهة نظر قانونية وشرعية. وفي نفس الوقت فإنها تتميز بمرونة تجعلها تتكيف مع المشكلات الحديثة
يقول ابن رضوان "ليست الأخطاء حكراً على الأطباء، فمنهم من يجتهد ويخطئ عن علمٍ لا عن جهل ولكنه يري أن يكون الطبيب الفاضل ذا خصال عديدة، حددها بقوله: إن الطبيب على رأي أبوقراط هو الذي اجتمعت فيه سبع خصال وهي:

الأولى: أن يكون تام الخلق، صحيح الأعضاء، حسن الذكاء، جيد الرؤية، عاقلاً، وخير الطبع.
الثانية: أن يكون حسن الملبس، طيب الرائحة، نظيف البدن والثوب.
الثالثة: أن يكون كتوماً لأسرار المرضى لا يبوح بشيء من أمراضهم.
الرابعة: أن تكون رغبته في إبراء المرضى أكثر من رغبته فيما يلتمس من الأجرة، ورغبته في علاج الفقراء أكثر من رغبته في علاج الأغنياء.
الخامسة: أن يكون حريصاً على التعلم والمبالغة في منافع الناس.
السادسة: أن يكون سليم القلب، عفيف النظر، صادق اللهجة، ولا يخطر بباله شيء من أمور النساء، والأموال التي شاهدها في منازل الأعلاء، فضلاً عن أن يتعرض إلى شيء منها.
السابعة: أن يكون مأمونا،ً ثقة على الأرواح والأموال، لا يصف دواءً قاتلاً ولا يعلمه، ولا دواء يسقط الأجنة، يعالج عدوه بنية صادقة كما يعالج حبيبه.
وسيؤخذ في عين الاعتبار هذا الاجتهاد».

وأخيرا فان الحديث عن الأخطاء التي يرتكبها بعض الأطباء، لا تتوخى أبدا التحامل على هؤلاء، ولا تأليب الناس عليهم، بل يأتي هذا تنبيها إلى ضرورة الأخذ في الاعتبار أن الذين يسوقهم القدر بين أيديهم إنما يكون بدافع من الثقة فيهم والأمل في أن يقدموا لهم ما يساعدهم على البقاء على قيد الحياة. 
تقديم
البروفيسور/ فيصل عبد اللطيف الناصر 
أستاذ طب العائلة
رئيس قسم طب العائلة والمجتمع
جامعة الخليج العربي
الأمين العام للجمعية الدولية لتاريخ الطب الإسلامي 

ليست هناك تعليقات:

يتم التشغيل بواسطة Blogger.